وقد شدد الشرع في شأن الصلاة بقتل الممتنع من إيقاعها إن مضى عليه وقت صلاة واحدة ولم يزل على الإيباء والامتناع حدا في المشهور وقال ابن حبيب كفرًا ولذلك خرج سند على قوله عدم لزوم الإعادة والقضاء على تاركها عمدًا. قال لأنه كمرتد تاب. ونسبة ذلك لمالك قول شاذة أنكرها عياض وقال: لا يصح عنه. وكذلك نسبة ذلك لابن المواز أنكره اللخمي في أجوبته قال الشيخ ابن أبي زيد رضه: ولا يصح هذا القول ولا يدخل في حشو دائرة السنة لأن غاية ترك الصلاة أن تكون كبيرة ومن واقع الكبيرة فهو عاص لا كافر بدليل قوله صلعم في متعمد تركها: ليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة. فلو كان كافرا ما كان في المشيئة إذ أهل السنة قائلون بأن من لم يتب من الكبائر في المشيئة خلافًا للمعتزلة.
ثم لابد للحكم فيمن علم منه الجفاء والبداوة وتفرس فيه ترك الصلاة والجهل بإقامتها أن يباحثه ويتنزل معه في السؤال عنها بالترفق والاستكانة حتى يحصل على طائل من معرفته منه ما لابد منه أم لا ولا يتعمق معه في السؤال عن غوامض الصور في السهو والإعادة والبناء والقضاء ونحو ذلك مما تردد أشكاله بين زعماء الفقهاء بل يقتصر على مساءلته على ما اشتملت عليه من عدد الركعات وما حوته كل ركعة من قول أو فعل وما وقع به الافتتاح والاختتام من إحرام وتسليم. فإن خلص له منه علم ذلك على إقامته الصلوات وإن حقق منه عند اختباره وجهله بها فإن تحقق عذره في ذلك بكونه حديث عهد بالبلوغ وهو من جفاة البادية المظنون بهم عدم التعلم في الصغر علمه أو أمر بتعليمه فإن الحاضر يفوق البادي في هذا الفصل وغيره.
وقع في جامع المستخرجة قال وحدثني أنه بلغه أن ابن مسعود كان يقول إذا لم يحكم أحدكم الفرائض وسنة الحج والطلاق فما فضله على أهل البادية قال ابن رشد رحه المعنى المعنى في هذا كله بين لأن أهل البادية أهل جهالة فإنما فضلهم أهل الحاضرة بمعرفتهم بأمور الدين قال الله ﷿ ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾ وقال ﴿وقل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾ هـ. وإن تحقق أن جهله في الحاضرة ومقر العلم وتصدير العلماء إنما هو لتركه الصلاة وتشاغله عنها في أوقاتها بسواها أدبه وأحسن تأديبه وأجهد في تعليمه وكذلك يجب تعليم من رأى صلاته غير مؤداة حق الأداء في إقامة أركانها من ركوع وسجود كل ذلك يتأكد النظر فيه على الحكام وولاة الأمور.
1 / 31