تكملة في هذا الباب تمس الحاجة إليهما
قال في "تنبيه الحكام" ينبغي للحاكم إذا خاف أن تتعذر عليه الإحاطة بحفظ الحوائم والأسواق وشوارع المسلمين ومجتمعاتهم من وقوع المناكر وتعرف ما يعرض في ذلك من النوازل أو خشي أن يتشاغل عن البحث والكشف والنظر في ذلك بما يشغله من أمور المسلمين والنظر في مصالحهم أن يختار أمينًا عدلًا أو أمناء عدولًا عارفين بذلك يتفقدون ما حمل إليهم من حفظ الحوائم ويرفعون إليه ما يتعذر عليه النظر فيه من ذلك وأن أفرد لكل سوق وحومة أمينا ينظر في ذلك فعل بحسب اجتهاده وحاجة الناس إلى ذلك بوجود القائم به فإن ذلك من التعاون على الخير الواجب على كل مسلم لقوله تعالى: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى﴾.
الباب السابع
في أعيان صوره واختلاف محاله
وكان هذا الباب هو المقصود بالذات وكل ما تقدمه من الأبواب كالوسيلة إليه * والطليعة بين يديه * لما تكفل من تفصيل ما وقع إجماله * فيما سلف من ذكر المنكر وتفسير ما تقدم إبهامه * فيما يعامل به من تجاهر أو تستر وإن كانت مناكر الوجود لا يستطاع حصرها بعد * ولا يمكن تعريفها برسم ولا حد * ولكنا نذكر من ذلك ما تكلفه الوسع على قدر الطاقة * ومنه سبحانه أسأل التوفيق والعون على حمل هذه العلاقة * فنقول لما كان المقصود برفع المناكر إزالة ما تنكره النفوس السليمة وتتأذى به مما حرمه الشرع ونافره الطبع لقوله صلعم: الإثم ما حاك في صدرك. تعاظم استكباره وقبح غاية القبح استظهاره في محل الملإ فكان السعي في إزالته ومحق أثره من كل القرب أحق وأولى لأن المواطن الاجتماعية لإقامة حدود الله على عباده وحقوق خلقه فيما بينهم على الأوضاع الشرعية والنصوص ثم تكون الأحقية بالقيام بذلك على الإمام ثم على من دونه من سائر الحكام ليدين بذلك في طهارة باطنه وظاهره جميع الخاص والعام.
فمن ذلك ما ينكر اعتياده في معاهد الصلوات ومساجد الجمع والجماعات إذ الصلاة عماد
1 / 29