قلت قوله لا يسوغ ترك المستتر بوجه إذا بلغ أمره الحاكم خلاف ما تقدم من نقل ابن أبي زيد في "نوادره" عن أصبغ أن غير المعروف بذلك لا يكشفه وإن شهدوا على البيت فانظره وقوله يمتنع العفو بعد الوصول إلى الإمام فيما وجب فيه حد من حدود الله أقول بل قال العلماء تجب المسارعة من الحاكم لإقامتها بتشره واشتداد دون ترحم وإشفاق.
قال مولانا ﷻ ﴿لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر﴾ وفي الحديث: يؤتى بوال نقص من الحد سوطًا فيقول رحمة لعبادك فيقال له أنت أرحم به مني؟ فيؤمر به إلى النار.
لحد يقام بأرض خير له من مطر أربعين صباحًا
ووقع في نوادر ابن أبي زيد قال ابن حبيب: كان مالك إذا سئل في شيء من الحدود أسرع الجرب وأظهر السرور بإقامته الحد. وقال: بلغني أنه يقال لحد يقام بأرض خير لها من مطر أربعين صباحا هـ. قلت ونقه الزمخشري في كشافه موقوفًا عن أبي هريرة –رضه- ولعله يكون مسندًا عند حفاظ الحديث. فكثيرًا ما يقول مالك بلغني بما يسنده غيره حدثنا عن رسول صلعم.
وقد شاهدت من شيخنا وسيدنا الجد الأقرب –رضه- وأسكنه فسبح الجنان من تصلب النفس وغلظة القلب ما لم نعهد منه عن الترحم والشفقة لعامة الناس وخاصتهم لما ثبتت زندقة إنسان بسبه من وجب تعزيزه وتوقيره. أنا لنا الله يوم الجزاء شفاعته بأن قال لي: "لا سبيل إلا التعجيل به إلى سقر" أعاذنا الله في قائم حياتنا من زلة القدم * وعصمنا من الزيغ بأقوى العصم * وجاد علينا بتوقيفه وهدايته * ومن علينا بعفوه وكرامته *
وغير الحاكم ممن شاهد منكرًا أو علمه يقينا يفارق الحاكم في فسحة مجال العفو والستر بدليل قوله صلعم لهزال "لو سترته بردائك لكان خيرا لك" فالستر على السلم حيث يكون مستترًا غير مجاهر أولى من فضيحته. هذا كله في المناكر التي لا يستدام فيها التحريم وأما ما يستدام فيه التحريم بتكرر ذلك المنكر ما دام لم يرفع به من علمه إلى الإمام كمن طلق زوجه طلاقا بابنا ثم بقي معها وأعتق عبده ثم يتصدق برقه. فالمبادرة لأداء الشهادة بذلك لدى لحاكم واجبة كان فاعل ذلك مستترا أو متجاهرا لأن في ترك ذلك
1 / 26