مالك رواية شاذة لا عمل عليها لأن العقوبة في الأموال أمر كان في أول الإسلام ثم نسخ بالإجماع.
لا يجوز للولاة أن يختلوا بالمحبوس في تهمه ويقولون له أخبرنا ولك الأمان
ولا يسوغ للحاكم أو الوالي أو المغير للمناكر في محبوس بتهمة المواقعة لجناية حد أو عقوبة إذا لم تقم عليه بينة بمعاينة أو بإقرار أن يقول له في خلوته به أخبرني ولك الأمان فيخبره. فقد سئل مالك عن ذلك فقال: والله إني أكره أن يقول ذلك لهم ويغرهم وهو وجه الخديعة. قال ابن رشد رحه وجه الكراهة في ذلك لأنه إذا قال له لك الأمان فأخبرني فقد حصل مكرهًا له على الإخبار فلعله يخبره بالباطل لينجو منه ومن عقابه. فإذا فعل ذلك الحاكم كان فيما أخبره وأقر له على نفسه كمن أقر تحت الوعيد والتهديد لم يلزمه إقراره.
فصل: مسألة ما إذا انقضى زمن المنكر ولم يبق إلا ما لزم فاعله فما الحكم الشرعي وما فيه من التفصيل
فإن كان صدور المنكر قد انقضى زمانه وقات وقوعه ولم يبق إلا ما لزم فاعله فما الحكم الشرعي من حد أو عقوبة؟ فأما فيما لا يستدام فيه التحريم فإن كان الذي واقع ذلك من المتسترين فلا إثم على تارك الشهادة عليه. بما علم من فعله بل الستر عليه وعدم أداء الشهادة بما شاهد من فعله أولى وأحق بالندب والقربة. لكن ينبغي له أن يتقدم له بالحكمة والموعظة الحسنة لعله يقوده بذلك إلى سبيل التوبة وعدم العودة. وإن كان الذي واقع ذلك من المتجاهرين المنتهكين الحرم بعدم المبالاة بالافتضاح وسقوط مائية الوجه بفقد الاحتشام والاستخفاف بالاطلاع عليه والازدراء بمن شاهده فأداء الشهادة وإقامتها لله في حقه أولى وآكد علينا له من حدود الله وزواجره ما يوقظه لحفظ شعائره وتعظيم نواهيه وأوامره فيرتدع عن الاستهانة بمحارمه وينصرف عن الاستظهار بما لابس من فسقه وجرائمه.
والفرق بين هذا والأول أن من استخف باطلاع الناس على جنايته وفواحشه قد خرق حجاب الهيبة بينة وبين ربه وهدم حمى الشريعة القائم بينه وبين خلقه وذلك أعظم تتكرًا
1 / 24