وسائر العمال والولاة فقد وقع في " جامع العتبية" في الشرط يبعثون في الأمر يكون بين الناس يجعل في أموالهم.
قال مالك: كان زيادة بن عبد الله يبعث شرطًا في الأمر يكون بين الناس في المناهل ويجعل لهم في أموالهم جعلًا فنهيته عن ذلك وقلت له إنما هذا على السلطان يرزقهم فقيل له إن أمير المؤمنين جعل لمن ولي عليهم شركًا معهم فيما اشتروا.
قال شعرت به ولا أمرته بذلك. ثم قال إن هذه الأمور يخاف فيها ما يخاف ثم فسر فيها تفسيرًا.
قال ابن رشد رحه هذا أن الواجب أن يجعل للشرطة المتصرفين بين أيدي القضاة في أمور الأحكام رزقًا من بيت المال لأن ذلك من المنافع التي تعم الناس فإن لم يفعل كان جعل الغلام المتصرف بين الخصمين على الطالب في إحضار خصمه المطلوب ويخفي ويعنت بالطالب إعناتًا فيكون الجعل في إحضاره عليه وأما أن يجعل من ولي على السوق شركًا معهم فيما اشتروا فالمكروه فيه بين. وذلك أنه إذا كان له معهم شرك فيما اشتروا سامحهم في الفساد بما له معهم فيه من النصيب ومثل ما في الجامع بنصه في كتاب السلطان. قلت إلا أن ما قال من إعطاه المدعى عليه الملدد أيجعل الذي أعطى في إحضاره المدعي لا يحسن ولا يجعل في أعوان القيم بتغيير المنكر لأنه ليس هنالك مدع ولا مدعى عليه ولا ذو حق متشخص يطلبه بعينه وإنما هو أمر مطلوب بطريق الفرض المتعين على عامة الناس ومتأكد على الولاة والحكام فقصاراه أن تكون أجرة الأعوان فيه في بيت المال كغيرهم من أعوان سائر الحكام وإن كان الأعوان في هذا كغيرهم من سائر الناس في توجه خطاب الوجوب والفرضية نحوهم لكن لما كان اشتغالهم بذلك يضيع عليهم الزمان في شأنه عن القيام بمعايشهم وطلب أقواتهم وجب أن يكون لهم ذلك في بيت المال رزقا وإعانة كما هو المشهور عند العلماء في مرتب طلبة العلم الذي يأخذونه من الأوقاف الموضوعة لذلك أنه من باب الإعانة والرزق لا من باب الأجرة لأن طلب العلم فريضة متعينة في حقه وتحصيل منفعة خدمته وحمله مقصورة عليه لا على الواقف فباين مسلك الاستيجار. فإن قلت: أليس الذي أوجبوه على الملدد المتغيب على الحضور مع خصمه من أداء جعل العون الذي أداه الطالب هو عين العقوبة بالمال على عصيانه وعدم إجابته ولو كانت العقوبة قاصرة على إيلام البدن لوقع الاكتفاء بضربه أو سجنه أو نحو ذلك. قلت إلزامه أداء الجعل ليس من باب العقوبة بذلك وإنما هو من ناحية أنه سبب في غرم المدعي ما لم يجب عليه إجابته دعواه للحاكم وقد أوجبها الله بنص الوحي في
1 / 17