236

Tuhfat Acyan

تحفة الأعيان لنور الدين السالمي

Genres

ذكر خروج سلطان الجور على الإمام راشد بن الوليد ولعل هذا السلطان كان من عمال بني العباس لما قدمنا من اعتنائهم بعمان بعد دخول ابن بور فيها، وذلك أن سلطان الجور قد خرج عليه حتى نزل السر وخرجت رعايا الإمام لمظاهرته ومعاونته، ونبذوا عهودهم وراء ظهورهم؛ فخرج الإمام في طلبهم ليردهم فلحقهم ببهلى، فأراد أن يردهم فأبوا، وأراد أن يقهرهم على الرجوع فعصوا وأظهروا له العداوة والعصيان، وخرجوا معاندين إلى السلطان فبقى الإمام في الضعفاء من أصحابه بعد أن خذله الأكثر منهم، وخرج من بهلى إلى كدم؛ ورأى أنه قد أخذ في ذلك بالحزم والاحتياط، ثم جاء السلطان بمن معه حتى دخلوا الجوف، فخاف الإمام ومن معه لقتلهم، فانحاز بهم إلى وادي النخر استبقاء منه على من معه من ضعفاء المسلمين، ودعا إلى حرب السلطان من أجابه واستنصر بمن قدر عليه، فجيش أنصاره وأعوانه وأرسلهم إلى حرب السلطان، وقعد هو ومن لا غنى له عنه بمشورة من أشار إليه بالتخلف من إخوانه رجاء منهم لبقاء رايتهم ما بقى إمامهم، وكان موقفه يومئذ غير بعيد عن موضع القتال، وكان السلطان بنزوى، فالتقت سرية الإمام بجند السلطان، فنشب بينهم القتال، وانهزمت سرية الإمام وتفرقت جماعته وزالت رايته، وكان ذلك ضحوة النهار، فما كان العشى من ذلك اليوم حتى تفرق عنه جميع من كان معه، فاستولى السلطان الجائر على جميع عمان، وبقي الإمام في رءوس الجبال خائفا يترقب، فطالع في أمره واستشار وأخذ بالرخصة من قول الأخيار أن المدافع تسعة التقيت إذا خذلته الرعية.

Page 245