Tuhfat Acyan
تحفة الأعيان لنور الدين السالمي
Genres
قال فالعجيب من ذلك أنهم رضوا به إماما في أسوأ فعله إذ فر , وخلعوه وهو محسن إذ دفع الله به شر حمويه عنهم , فهذه عجيبة من العجائب؛ قال عادوا فقدموا الصلت ثانية, فالعجب منهم ومن الصلت فإن يكونوا مخطئين في عزله وفي خلعه , فقد كان ينبغي أن لا يتخذهم وزراء ولا يؤمنهم على البيعة ولا يقربهم في موازرته إذ خلعوه وهو مصيب وهم مخطئين , وإن يكن الصلت مخطئا فالعجب منهم إذ رجعوا إليه وردوه إماما على خطئه , وإن قالوا قد تبنا واستتبناه , فقد اتخذوا دينهم لهوا ولعبا إذ يظهرون الخطيئة ويبطنون التوبة وقد عظم خطؤهم على لبسهم الأمور بعضها ببعض , ولبس الحق بالباطل وكتمانهم الحق وهم يعلمون فاتقوا الله يا أهل عمان وراجعوا إلى ربكم يعد الله عليكم وادخلوا في الباب الذي خرجتم منه, وراجعوا إلى الأصل الذي تفرقتم عنه , ولدين الله الذي لا عوج فيه , وللحق الذي لا باطل معه والعدل الذي لا يشوبه الجور , وتعاونوا على البر والتقوى وكونوا بني الإسلام والقوا عنكم الحمية والعصبية , ولا تعازوا بالعشائر , وليكن عزمكم بالله وبدينه وبسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم , ودعوا عنكم اللجاج واخضعوا للحق وتراضوا له , وانزلوا للمحدثين حيث انزلوا أنفسهم , واجتمعوا وكاتبوا إلى وطئ ثار أسلافكم.
قال: فإذا اجتمعتم فبايعوا إماما من أحزمكم على الخير , وأصبركم على الجهاد وأبعدكم عزما , وأوفاكم على أمر الله عهدا ثم انصروه بأموالكم وأنفسكم , فقد تعلمون أنه لم يبق من الجور شيء أمراء ظلمه وأجناد غشمه , وقطاع الطرق قد صدوا الناس عن أسفارهم وقضاء حوائجهم؛ وفساق القرى قد استطالوا على الناس يسفكون دمائهم ويغصبون أموالهم ويروعونهم في منازلهم.
Page 233