الله توجهت قلوبهم إلى العلو، ولهذا قال بعض العارفين: ما قال عارف قط بالله: يالله، إلا وجد في قلبه قبل أن يتحرك لسانه معنى يطلب العلو، لا يلتفت يمنة ولا يسرة. بل قد فطر الله على ذلك جميع الأمم في الجاهلية والإسلام؛ إلا من اجتالته الشياطين عن فطرته.
قال ابن قتيبة: ما زالت الأمم عربها وعجمها في جاهليتها وإسلامها، معترفة بأن الله في السماء، أي على السماء، فهو سبحانه قد أخبر في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ بأنه استوى على عرشه استواء يليق بجلاله، ويناسب كبرياءه، وهو غني عن العرش وعن حملة العرش، والاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة؛ كما قالته أم سلمة، وربيعة، ومالك. وهذا مذهب أئمة المسلمين، وهو الظاهر من لفظ "استوى" عند عامة المسلمين الباقين على الفطرة السليمة، التي لم تنحرف إلى تعطيل ولا إلى تمثيل.
وهذا هو الذي أراده يزيد بن هارون الواسطي المتفق على إمامته وجلالته وفضله، وهو من أتباع التابعين، حيث قال: من زعم أن
1 / 54