15

Tuhfa Ciraqiyya

التحفة العراقية في الأعمال القلبية

Publisher

المطبعة السلفية

Edition Number

الثانية

Publication Year

1402 AH

Publisher Location

القاهرة

Genres

Sufism
السّلف من سره أَن يكون أقوى النَّاس فَليَتَوَكَّل على الله وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عبد الله ابْن عمر أَن رَسُول الله ﷺ صفته فِي التَّوْرَاة إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا وحرزا للأميين أَنْت عَبدِي ورسولي سميتك المتَوَكل لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ الْحَسَنَة وَيغْفر وَلنْ أقبضهُ حَتَّى اقيم بِهِ الْملَّة العوجاء فأفتح بك أعينا عميا وآذانا صمًّا وَقُلُوبًا غلفًا بِأَن يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله وَلِهَذَا روى أَن حَملَة الْعَرْش إِنَّمَا اطاقوا حمل الْعَرْش بقَوْلهمْ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي ﷺ أَنَّهَا كنز من كنوز الْجنَّة قَالَ تَعَالَى الطَّلَاق وَمن يتوكل على الله فَهُوَ حَسبه وَقَالَ تَعَالَى آل عمرَان الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل إِلَى قَوْله فَلَا تخافوهم وخافون إِن كُنْتُم مُؤمنين وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل قَالَهَا إِبْرَاهِيم الْخَلِيل حِين ألْقى فِي النَّار وَقَالَهَا مُحَمَّد حِين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم وَقسم ثَان يشْهدُونَ ربوبية الْحق وافتقارهم إِلَيْهِ ويستعينون بهَا على أهوائهم وأذواقهم غير ناظرين إِلَى حَقِيقَة امْرَهْ وَنَهْيه وَرضَاهُ وغضبه ومحبته وَهَذَا حَال كثير من المتفقرة والمتصوفة وَلِهَذَا كثيرا مَا يعْملُونَ على الْأَحْوَال الَّتِي يتصرفون بهَا فِي الْوُجُود لَا يقصدون مَا يُرْضِي الرب وَيُحِبهُ وَكَثِيرًا مَا يغلطون فيظنون أَن مَعْصِيَته هِيَ مرضاته فيعودون إِلَى تَعْطِيل الْأَمر وَالنَّهْي ويسمهون هَذَا حَقِيقَة ويظنون أَن هَذِه الْحَقِيقَة الأمرية الدِّينِيَّة هِيَ الَّتِي تحوي مرضاة الرب ومحبته وَأمره وَنَهْيه ظَاهرا وَبَاطنا وَهَؤُلَاء كثيرا مَا يسلبون أَحْوَالهم وَقد يعودون إِلَى نوع من الْمعاصِي والفسوق بل كثير مِنْهُم يرْتَد عَن الاسلام لِأَن الْعَاقِبَة للتقوى وَمن لم يقف عِنْد أَمر الله وَنَهْيه فَلَيْسَ من الْمُتَّقِينَ فهم يقعون فِي بعض مَا وَقع الْمُشْركُونَ فِيهِ تَارَة من بِدعَة يظنونها شرعة وَتارَة فِي الِاحْتِجَاج بِالْقدرِ على الْأَمر وَالله تَعَالَى لما ذكر مَا ذمّ بِهِ الْمُشْركين فِي سُورَة الْأَنْعَام ذكر مَا ابتدعوه فِي الدّين وجعلوه شرعة كَمَا قَالَ تَعَالَى الْأَعْرَاف وَإِذا فعلوا فَاحِشَة قَالُوا وجدنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَالله أمرنَا بهَا قل إِن الله لَا يَأْمر بالفحشاء وَقد ذمهم على أَن حرمُوا مَا لم يحرمه الله وَأَن شرعوا مَا لم يشرعه الله وَذكر احتجاجهم بِالْقدرِ فِي قَوْله الْأَنْعَام لَو شَاءَ الله مَا أشركنا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حرمنا من شَيْء ونظيرها فِي النَّحْل وَيس والزخرف وَهَؤُلَاء يكون فيهم شُبْهَة فِي هَذَا وَهَذَا

1 / 51