إلى قوله: وكان يكافح أولئك بتزييف هذه المذاهب..إلى قوله: ويعلن لهم بأن قصر الحق على هذه المذاهب المتبوعة من البدع، وأن الجزم بتعذر الحكم من دليله لا مسند له، وأنه من تحجر الواسع ؛ لأن فضل الله تعالى غير مقصور على شخص من دون شخص، والفهم الذي هو شرط التكليف قد منحه الله تعالى كل عاقل، ولو كان مختصا بأحد دون أحد لما قامت الحجة على العباد بالكتاب والسنة، وهذا لا يرتضيه مسلم، وهذا الصنيع من كفران النعمة.
قال: وإذا دخل الصلاة ظل يضطرب فيها من الخشية والبكاء، مع كمال حفظ التقصي من المخالفة للمشروع، وكان صادق اللهجة.
قال: ووفد إليه كل عالم حتى ترجح له المسير نحو الشام، وأقام بمدينة صبيا، وكانت في أيامه قحط رجال الفضلاء من كل جهة حتى قال يحيى: ذلك شيخنا البدر الإمام محسن بن عبد الكريم، مخاطبا له:
شرفت صبيا بكم فغدت .... موردا للعم والنزل
ليت شعري ما الذي فعلت .... فعلت قدرا على زحل
ووصوله إليها في سنة 1245ه، قال: وكانت وفاة صاحب الترجمة بمدينة صبيا من المخلاف السليماني في ليلة السبت إحدى وعشرين رجب سنة 1253ه رحمه الله تعالى وإيانا والمؤمنين آمين.
ومنهم: حفيده السيد الإمام محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي الحسني الإدريسي المغربي، مولده في ذي القعدة سنة 1293ه، وكان ظهور أمره في محرم سنة 1327ه، ومما أظهره إقامة الحدود وقطع الحكم بالطاغوت، وإزالة ما يفعله أهل صبيا وجهاتها من الختان المخالف للسنة، واختلاط النساء بالرجال، ولم يزل أمره يزداد في قلوب العامة سرا وجهرا، وفي سنة 1330ه تقرر الصلح بين الإمام يحيى والأتراك، ولم يجب السيد محمد الإدريسي إلى الصلح بعد مراجعته في ذلك، فكانت الحرب بين الأدارسة والإمام يحيى مدة طويلة، وانتهت بوفاة السيد محد الإدريسي سنة 1341ه في مدينة صبيا. وكان طويل القامة رئيسا عارفا بأخبار الناس والبلاد، خولا قلبا ذا دهاء وسياسة.
Page 170