Tuhaf
التحف شرح الزلف
Genres
كتابه عليه السلام الى هارون الملقب بالرشيد
فكتب يحيى إلى هارون جواب كتابه: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فقد فهمت كتابك وما عرضت علي من الأمان أن تبذل لي أموال المسلمين، وتقطعني ضياعهم التي جعلها الله لهم دوني ودونك، ولم يجعل لنا فيها نقيرا ولا فتيلا، فاستعظمت الإستماع له فضلا عن الركون إليه، واستوحشت منه تنزها عن قبوله، فاحبس عني أيها الإنسان مالك وإقطاعك، وقضاء حوائجي فقد أدبتني أدبا ناقصا - يعني أمه عليه السلام -، وولدتني عاقا، فوالله لو أن من قتل من أهل تركا وديالم على بعد أنسابهم مني وانقطاع رحمهم عني لوجبت علي نصرتهم والطلب بدمائهم، إذ كان منكم قتلهم ظلما وعدوانا، الله لكم بالمرصاد لما ارتكبتم من ذلك، وعلى الميعاد لما سبق فيه من قوله ووعيده، وكفى بالله جازيا ومعاقبا وناصرا لأوليائه، ومنتقما من أعدائه.
وكيف لا أطلب بدمائهم، وأنام على ثأرهم والمقتول بالجوع والعطش والنكال، وضيق المحابس وثقل الأغلال، وترادف الأثقال، أبي عبدالله بن الحسن النفس الزكية، والهمة السنية، والديانة المرضية، والخشية والبقية، شيخ الفواطم، وسيد أبناء هاشم طرا، وأرفع أهل عصره قدرا، وأكرم أهل بلاد الله فعلا، ثم يتلوه إخوته وبنو أبيه، ثم إخوتي وبنو عمومتي، نجوم السماء، وأوتاد الدنيا، وزينة الأرض، وأمان الخلق، ومعدن الحكمة، وينبوع العلم، وكهف المظلوم، ومأوى الملهوف، ما منهم أحد إلا من لو أقسم على الله لبر قسمه، فما أنس من الأشياء فلا أنسى مصارعهم، وما حل بهم من سوء مقدرتكم، ولؤم ظفركم، وعظيم إقدامكم، وقسوة قلوبكم، إذ جاوزتم قتلة من كفر بالله إفراطا، وعذاب من عاند الله إسرافا، ومثله من جحد بالله عتوا.
Page 120