Tuhaf
التحف شرح الزلف
Genres
وحدثني هارون الوشاء، قال: حدثني عبد العزيز بن يحيى الكنائي، ويقال: إنه كان من الدعاة إلى يحيى بن عبدالله، قال: لما صار الحسين بفخ خرج يحيى على فرسه يحرض الناس، فقال - بعدما حمد الله -: أبشروا معشر من حضر من المسلمين، فإنكم أنصار الله وأنصار كتابه وأنصار رسوله، وأعوان الحق، وخيار أهل الأرض، وعلى ملة الإسلام ومنهاجه الذي اختاره لأنبيائه المرسلين، وأوليائه الصابرين، أوما سمعتم الله يقول: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم}..إلى قوله: {وبشر المؤمنين} [التوبة:111-112].
ثم قال: والله ما أعرف على ظهر الأرض أحدا سواكم إلا من كان على مثل رأيكم حالت بينكم وبينه المعاذير، إما فقير لا يقدر على ما يحتمل به إلينا، فهو يدعو الله في آناء ليله ونهاره، أو غنيا ببعدت داره منا، فلم تدركه دعوتنا، أو محبوس عند الفسقة وقلبه عندنا ممن أرجو أن يكون ممن وفى لله بما اشترى منه، فما تنتظرون عباد الله بجهاد من قد أقبل إلى ذرية نبيهم ليسوا ذراريهم، ويجتاحوا أنفسهم.
ثم قال: اللهم احكم بيننا وبين قومنا بالحق وانت خير الحاكمين، قال: فبرز للقتال ووجه إليه موسى بن عمر وإلى جميع أصحابه يعرض عليهم الأمان، فقال الحسين: وأي أمان لكم يا فجرة، المغرور من غررتموه بأمانكم وكيف وأنتم تغرونه عن دينه بحياة يسيرة تطمعونه فيها، فإذا ركن إليها قتلتموه، أليس من وصية آبائكم زعمتم قتل كل منهم ومن سأل الأمان عند الظفر به، فخرج إليه جميع من حضر من بني العباس ومواليهم والجند وتقطعوا آخر أمرهم ثم ليسوا إلا فيه وبعثوا إليه بأمانه، وبذلوا له مالا فأبى إلا قتالهم أو الرجوع عما هم عليه من الإثم والعدوان، ومعاونة الظالمين.
قال: فشدوا عليه عندما يئسوا من خديعته بأمانهم وحملوا عليه وعلى أصحابه حملة شديدة، فثبتوا لهم، وقتل منهم جماعة.
Page 112