51

Treatise on the Obligation of Following the Sunnah and the Discussion on Dividing Narrations and the Authority of Individual Reports - Part of 'Athar al-Mu'allimi'

رسالة في فرضية اتباع السنة، والكلام على تقسيم الأخبار وحجية أخبار الآحاد - ضمن «آثار المعلمي»

Investigator

محمد عزير شمس

Publisher

دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٤ هـ

Genres

فوقعوا في المهواة. قالوا: الشيطان قديم. ولم يقنع منهم الشيطان بذلك، بل قال لهم: فقد كان ينبغي أن يُهلِكه الله ﷿ ويقطع دابر الشر. فوقعوا في المهواة الأخرى. قالوا: للشيطان قدرة ذاتية عظيمة، والله ﷿ جادٌّ مجدٌّ في إهلاكه، والحرب بينهما مستمرة. ثم خادعوا أنفسهم فقالوا: في آخر الأمر يتمُّ انتصار الله ﷿ على الشيطان، ويلقيه وحزبه في جهنم، ويتخلص العالم من الشر. كان قدماء المصريين موحدين، ثم طال بهم العهد، فاستغنوا عن هدي الأنبياء، وأخذوا يعظمون الله ﷿ بما تقتضيه عقولهم. فقالوا: إن الرب ﷿ بغاية العظمة والكبرياء، والبشر في غاية من الجهل والفساد والحقارة، ومن شأن ملوك الدنيا أن يأنفوا من مقابلة سقط الناس، ويُعدُّ تعرُّض سقط الناس لمقابلة الملك ومباشرة تعظيمه تحقيرًا له. كما لو اجتمع نفرٌ من كنَّاسي المراحيض وقالوا: نحب مقابلة الملك، لِنُحيِّيه ونُهنِّئه مثلًا؛ لاستحقوا العقوبة. فنسبة البشر إلى الرب ﷿ أبعد بما لا نهاية له من نسبة سقط الناس إلى ملوكهم. فقيل لهم: لكن البشر محتاجون إلى عبادة ربهم وسؤال حوائجهم. وكان قد بلغهم عن الأنبياء إثبات الملائكة. فقالوا: كما أن سقط الناس يجعلون تعظيمهم وسؤال حوائجهم إلى أناس أعلى منهم قليلًا، ثم تكون لهم درجات، إلى أن ينتهي الأمر إلى الوزراء. فمَن دون الوزراء يعظِّم الوزراء ويسألهم، وهم بدورهم يعظِّمون الملك ويسألونه. فكذلك ينبغي للبشر أن يوجِّهوا عبادتهم إلى الملائكة؛

19 / 54