Mukhtaṣar Akhlāq Ḥamalat al-Qurʾān
مختصر أخلاق حملة القرآن
Publisher
دار ابن الجوزي
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٣٨ هـ
Genres
ثُمَّ حَذَّرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَغْفَلُوا عَمَّا فَرَضَ عَلَيْهِمْ وَمَا عَهِدَهُ إِلَيْهِمْ ألَّا يُضَيِّعُوهُ، وَأَنْ يَحْفَظُوا مَا اسْتَرْعَاهُمْ مِنْ حُدُودِه، وَلا يَكُونُوا كَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ فَسَقَ عَنْ أَمْرِهِ، فَعَذَّبَهم بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ.
فقَالَ ﷿: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (١٩)﴾ [الحشر].
ثُمَّ أَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ.
فَقَالَ ﷿: ﴿لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠)﴾ [الحشر].
فَالْمُؤْمِنُ الْعَاقِلُ إِذَا تَلا الْقُرْآنَ اسْتَعَرَضَ القُرْآنَ، فَكَانَ كَالْمِرَآةِ يَرَى بِهَا مَا حَسُنَ مِنْ فِعْلِهِ، وَمَا قَبُحَ منه، فَمَا حَذَّرَهُ مَوْلاهُ حَذِرَهُ، وَمَا خَوَّفَهُ بِهِ مِنْ عِقَابِهِ خَافَهُ، وَمَا رَغَّبَهُ فِيهِ مَوْلاهُ رَغِبَ فِيهِ وَرَجَاهُ. فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتُهُ أَوْ مَا قَارَبَ هَذِهِ الصِّفَةِ، فَقَدْ تَلاهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ، وَرَعَاهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ، وَكَانَ لَهُ الْقُرْآنُ شَاهِدًا، وَشَفِيعًا، وَأَنِيسًا، وَحِرْزًا، وَمَنْ كَانَ هَذَا وَصْفُهُ نَفَعَ نَفْسَهُ، وَنَفَعَ أَهْلَهُ، وَعَادَ عَلَى وَالِدَيْهِ، وَعَلَى وَلَدِهِ كُلُّ خَيْرٍ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ...
1 / 32