17

Tisca Tasawwurat Can Zaman

تسعة تصورات عن الزمن: السفر عبر الزمن بين الحقيقة والخيال

Genres

بالنسبة إلى سيارتك؛ لكن لو قست أنا سرعة الضوء بينما يمر بي، فسأحصل أيضا على الإجابة نفسها وهي ، وليس

كيلومتر/ساعة. وهذا يتعارض تماما مع قوانين نيوت للحركة التي كانت مسيطرة آنذاك لأكثر من مائتي عام. لا يمكن أن يكون نيوتن وماكسويل محقين كليهما. فقد كان من عبقرية أينشتاين أنه أدرك أن قوانين نيوتن في حاجة إلى تعديل، وليست معادلات ماكسويل، والبقية معروفة.

لكن ثمة شيئا آخر غريبا بشأن معادلات ماكسويل. هناك مجموعتان صحيحتان بالقدر نفسه من الحلول للمعادلات التي تصف الموجات الكهرومغناطيسية. يصف أحد هذه الحلول موجة كهرومغناطيسية تتحرك خارجة من مصدرها متجهة إلى المستقبل في طريقها عبر الكون. قد تكون هذه الموجة شعاع ضوء صادرا من مشعل كهربائي، أو بثا إذاعيا، أو أي نوع آخر من الموجات الكهرومغناطيسية. وهذه الموجة يطلق عليها موجة «متأخرة». لكن ثمة حلا صحيحا بالقدر نفسه للمعادلات التي تصف موجة آتية من المستقبل عائدة في الزمن وتتركز على مشعلك الكهربائي، أو جهاز إرسال لموجات الراديو، أو أيا يكن. ويطلق على هذه الموجة اسم الموجة «المتقدمة». «يمكن للإنسان أن يصعد في السماء ضد الجاذبية في منطاد، فلم ينبغي له ألا يتطلع إلى قدرته في النهاية على إيقاف حركته عبر بعد الزمن أو تسريعها، أو حتى الالتفاف والسفر في الاتجاه المعاكس.»

إتش جي ويلز

ثمة طريقة لشرح كل هذا، وذلك في إطار ما يطلق عليه الفيزيائيون «المخروط الضوئي». في نسيج الزمكان الرباعي الأبعاد، يقال لكل شيء في المستقبل يمكن أن يتأثر بما نفعله في المكان والزمان الحاليين بأنه في المخروط الضوئي المستقبلي. وكل شيء في الماضي ربما يكون قد أثر على ما يحدث في المكان والزمان الآنيين كامن في المخروط الضوئي الماضي. خارج هاتين المنطقتين، يوجد الزمكان الذي لا يمكن أن يؤثر علينا في الزمان والمكان الحاليين ولا يمكن أن يتأثر بأي شيء نفعله نحن فيهما. وهذا ما يطلق عليه «زمان آخر». في ضوء هذا المصطلح، تخبرنا معادلات ماكسويل أن بإمكاننا استقبال إشارات في الزمان والمكان الحاليين من المخروط الضوئي المستقبلي وأيضا من المخروط الضوئي الماضي «على حد سواء». ولا يزال الجدل قائما بين علماء الفيزياء بشأن أهمية هذا التناظر الزمني في معادلات ماكسويل، وأدى هذا الجدل إلى بعض الأفكار المثيرة للاهتمام في نظرية الكم.

1

عند مستوى أساسي ما، تسمح المعادلات التي تستند إليها الآليات الأساسية لعمل الكون بالرجوع في السفر عبر الزمن، أو على الأقل الرجوع في التواصل الزمني. لكن الوصول إلى نقطة الزمان الآخر يتطلب إما آلة زمن أو السفر أسرع من الضوء، أو بما يتخطى حاجز سرعة الضوء.

هذا الحاجز موجود؛ نظرا إلى عدم إمكانية تسريع حركة شيء يتحرك أبطأ من الضوء بحيث يصل إلى سرعة الضوء بالضبط. وهناك عدة زوايا للنظر إلى هذا الحاجز، كلها قائمة على معادلات نظرية النسبية، وكلها مؤكدة بتجارب استخدمت فيها جسيمات سريعة الحركة، كتلك التي تحدثت عنها في تصوري الأول. إحدى تلك الزوايا أن الزمن يسير أبطأ وأبطأ حين تقترب من سرعة الضوء؛ لذا سيتطلب الأمر وقتا لا نهائيا لتصل إلى سرعة الضوء التي تبتغيها. ثمة زاوية أخرى أن الأمر سيتطلب مقدارا لا نهائيا من الطاقة للوصول إلى الكتلة اللانهائية اللازمة للقيام بالمهمة؛ وذلك لأن كتلة الجسم تزداد مع زيادة سرعته. وأيا كانت الزاوية التي ستنظر منها إلى الأمر، فإن سرعة الضوء تمثل حاجزا حقيقيا لا يمكن تخطيه أبدا (على عكس «حاجز» الصوت الذي هو ببساطة تحد تكنولوجي تخطيناه قبل زمن طويل). للضوء نفسه أن يسافر بسرعة الضوء؛ لأنه جبل على التحرك بسرعة الضوء، ولا يبطئ إلا حين يمتص. لكن هذا استحث فكر البعض. فلو أن جزيئا جبل على التحرك بالفعل بسرعة الضوء، فبم ستخبرنا معادلات أينشتاين عن خصائصه؟ «الزمن ليس خطا وإنما بعد، كأبعاد المكان. وإن كان باستطاعتك ثني المكان فباستطاعتك ثني الزمن كذلك ، وإن كنت تعرف ما يكفي وكان بإمكانك التحرك أسرع من الضوء، يمكنك إذن أن تعود بالزمن.»

مارجريت آتوود، رواية «عين القطة»

ثمة منطق معاكس تجاه العالم على الجانب الآخر من حاجز الضوء. إن كان الزمن يسير أبطأ وأبطأ فيما تزداد سرعتك أكثر وأكثر على الجانب الآخر من الحاجز، حتى يتوقف تماما بلا حراك عند سرعة الضوء، فمن المنطقي، على الجانب الآخر من الحاجز، وبالنسبة إلى جزيء يتحرك أسرع من الضوء بشيء قليل، أن الزمن يمضي ببطء إلى الخلف، وكلما زادت سرعة الجزيء، عاد الزمن إلى الخلف أسرع. هذا ما تخبرنا به المعادلات بالضبط. وتخبرنا أيضا أنه على كلا جانبي الحاجز، كلما أضفت طاقة إلى حركة جسم ما، قاربت سرعته سرعة الضوء. وهذا يعني أنه في عالمنا، كلما أضيفت طاقة إلى جسم ما تحرك بشكل أسرع، أما في العالم الأسرع من الضوء، فكلما أضفت طاقة إلى جسم ما تحرك على نحو أبطأ. ومع فقدان الجسيمات في العالم الأسرع من الضوء للطاقة، تتحرك أسرع وأسرع وتندفع إلى الخلف في الزمن. واللافت في الأمر أن هذه السمة الغريبة في العالم الأسرع من الضوء قد اكتشفت «قبيل» توصل أينشتاين إلى نظرية النسبية الخاصة. ففي عام 1904، أدرك عالم الفيزياء أرنولد سومرفيلد - الذي أصبح لاحقا رائدا من رواد نظرية الكم - أن معادلات ماكسويل تتنبأ بذلك بالضبط فيما يتعلق بسلوك الجسيمات في العالم الأسرع من الضوء، رغم أن سومرفيلد في ذلك الوقت لم يكن على دراية بحاجز سرعة الضوء. ولما كانت نظرية النسبية قائمة إلى حد كبير على معادلات ماكسويل، فلا غرابة في أنها تنص على الشيء نفسه، لكن من المعلوم أن معادلات ماكسويل قالت بذلك أولا.

Unknown page