وكان سيد يفكر في مشط ماكينة الحلاقة الكهربائية الذي تلف منذ مدة. وهي واحدة من ثلاث ماكينات ابتاعها من غزة في إحدى الرحلات التي كانت المؤسسة تنظمها لموظفيها قبل يونيو 1967م، وعندما تحطم مشطها وضعها جانبا لأن قطع غيارها لم تكن متوفرة في السوق (أما الآلتان الأخريان فقد باعهما بضعف ثمنهما).
تنهدت الأم قائلة: «أنشرب القهوة الآن؟»
وأجاب الاثنان في صوت واحد: «أجل.»
غادر سيد فراشه ومر بأصابعه على شعر رأسه، ثم ذهب إلى الحمام، وعند عودته وجد أمه قد أحضرت كنكة وملأت ثلاثة فناجين قام سيد بتوزيعها، ثم استقر كل منهم في فراشه من جديد.
واصل الأب الحديث قائلا: «ربما أعجبتهم الحال واستقروا في الكويت.»
وعلى الفور أخذت القضية بعدا جديدا في أذهانهم، لكن أحدا لم يجرؤ على ترجمة هذا البعد إلى كلمات؛ فقد جعل كل منهم يتصور عصاري الصيف فوق مقاعد القش في الحديقة، والهواء يهب خفيفا، وكلما أوغل الليل ازدادت رطوبته، أو صباحيات الشتاء في الجانب الآخر من المنزل، والشمس تسقط مترددة في البداية ثم تزداد دفئا كلما تقدم النهار.
قال الأب بعد قليل: «لماذا لا نتصل نحن بفادية نسألها عن صحتها وعن الولد؟ إنها ابنتنا قبل كل شيء.»
ردت الأم: «لا أحتمل أن أسمع صوته يرد علي.»
لكن صوتها رق وهي تضيف: «إن لم تتكلم في ظرف ساعة فسأفعل.»
انتهى سيد من فنجان قهوته وأشعل سيجارة، وسأله أبوه: «ألا تنوي الخروج يا بابا؟»
Unknown page