Tibyan
التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي
مددت وما كان من الخير فهو أمددت فعلى هذا إن اراد تركهم فهو من مددت واذا أراد اعطاءهم يقال أمدهم وقرئ في الشواذ: ويمدهم - بضم الياء .
وقال بعض الكوفيين كل زيادة حدثت في الشئ من نفسه فهو مددت - بغير ألف - كما يقولون مد النهر ومده نهر آخر فصار منه اذا اتصل به وكل زيادة حدثت في الشئ من غيره فهو أمددت - بألف - كما يقال أمد الجرح لان المدة(1) من غير الجرح وأمددت الجيش واقوى الاقوال أن يكون المراد به نمدهم على وجه الاملاء والترك لهم في خيرهم كما قال: " انما نملي لهم ليزدادوا إثما)(2) كما قال: (ويمدهم في طغيانهم يعمهون) يعني يتركهم فيه والطغيان: الفعلان من قولك طغى فلان يطغى طغيانا اذا تجاوز حده ومنه قوله: (كلا إن الانسان ليطغى)(3) ي يتجاوز حده والطاغية: الجبار العنيد.
وقال أمية بن أبي الصلت:
ودعا الله دعوة لات هنا
بعد طغيانه فظل(4) مشيرا
يعني لاهنا ومعناه في الآية: في كفرهم يترددون والعمه: التحير يقال: عمه يعمه عمها فهو عمه وعامه: أي حائر عن الحق.
قال رؤبة:
ومهمه اطرافه في مهمه
أعمى الهدى بالحائرين(5)
العمه جمع عامه فان قيل: كيف يخبر الله أنه يمدهم في طغيانهم يعمهون وانتم تقولون: إنما أبقاهم ليؤمنوا لا ليكفروا وانه أراد منهم الايمان دون الكفر؟ قيل معناه: أنه يتركهم وما هم فيه لا يحول بينهم وبين ما يفعلونه ولا يفعل بهم
---
(1) المدة: مايجتمع في الجرح من القيح.
(2) سورة آل عمران: آية 178.
(3) سورة العلق: آية 6.
(4) في الطبعة الايرانية " فصار " بدل فضل والبيت في ديوان امية و" لات هنا " كلمة ثدور في كلامهم يريدون بها: " ليس هذا حين ذلك " و" هنا " مفتوحة الهاء مشددة النون مثل " هنا مضمومة الهاء مخففة النون.
(5) الصحيح ماذكرنا وفي الطبعة الايرانية " فالحائرين " وفي تفسير الطبري نقلا عن ديوان رؤبة بالجاهلين.
Page 80