228

Tibyan

التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي

تفسير التبيان ج1

يقولون: انماانظر إلى الله ثم اليك بمعنى اتوقع فضل الله ثم فضلك.

وقال الطريح ابن اسماعيل:

واذا نظرت اليك من ملك

والبحر دونك جرتني نعماء(1)

وقال جميل بن معمر:

اني اليك لما وعدت لناظر

نظر الفقير إلى الغني الموسر(2)

وقال آخر:

وجوه يوم بدر ناظرات

إلى الرحمان تأتي بالفلاح

واتوا ب_(إلى) على معنى نظر الانتظار والصحيح ان النظر لا يفيد الرؤية وانما حقيقته تحديق الجارحة الصحيحة نحو المرئي طلبا لرؤيته ولو افاد الرؤية، لما جعل غاية لنفسه، الا تراهم يقولون: ما زلت انظر اليه ولا يقولون ما زلت أراه حتى رأيته، ولانهم يثبتون النظر وينفون الرؤية يقولون: نظرت اليه فلم أره ولا يقولون رأيته فلم أره

المعنى: فاذا ثبت هذا، فالاولى ان نقول: إن تأويل الآية " واغرقنا آل فرعون " وانتم مقبلون عليهم متوقعون له وقال الفراء قد كانوا في شغل من ان ينظروا مستورين بما اكتنفهم من البحر من ان يروا فرعون وغرقه ولكنه كقولك: قد ضربت واهلك ينظرون.

فما اتوك، ولا اعانوك. ومعناه وهم قريب بمرأى ومسمع ومثله قوله: " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل "(3) وليس ههنا رؤية، وانما هو علم، لان الرؤية تستعمل في مثل ذلك يقول القائل رأيت فرعون اعتى الخلق واخبثه وهذا الذي ذكره الفراء محتمل مليح، غيرانه مخالف لقول المفسرين كلهم فانهم لا يختلفون أن اصحاب موسى رأوا انفراق البحر والتطام امواجه بآل فرعون، حتى غرقوا فلا وجه للعدول عن الظاهر مع احتماله ولانهم اذا عاينوا ذلك، كانوا

---

(1) طريح بن اسماعيل الثقفي شاعر الوليد بن يزيد الاموي وخليله والبيت لم نعثر عليه وهو كما ترى.

(2) لم نحده في ديوانه ولا في بعض مراجعنا الاخرى.

(3) سورة الفرقان: آية 45.

Page 227