109
(إِلَّا خَائِفِينَ): حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يَدْخُلُوهَا. (لَهُمْ فِي الدُّنْيَا): جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، وَلَيْسَتْ حَالًا مِثْلَ خَائِفِينَ ; لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمُ الْخِزْيَ ثَابِتٌ فِي كُلِّ حَالٍ ; لَا فِي حَالِ دُخُولِهِمُ الْمَسَاجِدَ خَاصَّةً. قَالَ تَعَالَى: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥» قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ): هُمَا مَوْضِعُ الشُّرُوقِ وَالْغُرُوبِ. (فَأَيْنَمَا): شَرْطِيَّةٌ، وَ(تُوَلُّوا): مَجْزُومٌ بِهِ، وَهُوَ النَّاصِبُ لِأَيْنَ، وَالْجَوَابُ (فَثَمَّ) . وَقُرِئَ فِي الشَّاذِّ: تَوَلَّوْا بِفَتْحِ التَّاءِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ مُسْتَقْبَلٌ أَيْضًا، وَتَقْدِيرُهُ تَتَوَلَّوْا فَحَذَفَ التَّاءَ الثَّانِيَةَ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَاضِي، وَالضَّمِيرُ لِلْغَائِبِينَ، وَالتَّقْدِيرُ أَيْنَمَا يَتَوَلَّوْنَ. وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيًا قَدْ وَقَعَ، وَلَا يَكُونُ أَيْنَ شَرْطًا فِي اللَّفْظِ، بَلْ فِي الْمَعْنَى، كَمَا تَقُولُ مَا صَنَعْتَ صَنَعْتُ، إِذَا أَرَدْتَ الْمَاضِيَ. وَهَذَا ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ: أَيْنَ إِمَّا اسْتِفْهَامٌ، وَإِمَّا شَرْطٌ، وَلَيْسَ لَهَا مَعْنًى ثَالِثٌ. وَ(ثَمَّ): اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْبَعِيدِ عَنْكَ، وَبُنِيَ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى حَرْفِ الْإِشَارَةِ. وَقِيلَ: بُنِيَ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى حَرْفِ الْخِطَابِ ; لِأَنَّكَ تَقُولُ فِي الْحَاضِرِ هُنَا، وَفِي الْغَائِبِ هُنَاكَ، وَثَمَّ نَابَ عَنْ هُنَاكَ. قَالَ تَعَالَى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ «١١٦» قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا): يُقْرَأُ بِالْوَاوِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ) [الْبَقَرَةِ: ١١١] . وَيُقْرَأُ بِغَيْرِ وَاوٍ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ. (كُلٌّ لَهُ): تَقْدِيرُهُ كُلُّ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَوْ كُلُّهُمْ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلٍّ أَنْ تُسْتَعْمَلَ مُضَافَةً، وَمِنْ هُنَا ذَهَبَ جُمْهُورُ النَّحْوِيِّينَ إِلَى مَنْعِ دُخُولِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ عَلَى كُلٍّ ; لِأَنَّ

1 / 108