[book 1]
[chapter 0: Preface]
بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة القول الأول من الكتاب الذى وضع ارسطاطاليس الفيلسوف فى معرفة طباع الحيوان البرى والبحرى
وفيه صفة مزاوجة ومولد جميع الحيوان، وصفة ما يكون منه من جماع، مع تصنيف أعضائها الباطنة والظاهرة وتلخيص أفعالها وأعمالها ومنافعها ومضارها، وكيف يضاد ما يضاد منها، وفى أى الأماكن يكون، ومتى ينتقل من موضع إلى موضع، لحال حضور الصيف والشتاء، ومن ماذا معاش كل واحد من الحيوان، أعنى ما كان من صنف الطير والسباع وسمك البحر، وما يأوى فيه من السباع أيضا.
Page 5
[chapter 1: I 1] 〈المقالة الأولى〉
ابتداء القول الأول
Page 6
إن بعض أجزاء أجساد الحيوان تسمى غير مركبة، وهى الأجزاء التى تجزأ فى أجزاء يشبه بعضها بعضا (مثل ما يجرى بصفة لحم فى بضاع شتى)؛ وبعض أجزائها تسمى مركبة، وهى التى تجزأ فى أجزاء لا يشبه بعضها بعضا (مثل اليد، فإن اليد لا تجزأ فى أيد كثيرة، ولا الوجه فى أوجه كثيرة). وبعض ما كان على مثل هذه الحال لا يقال له جزء فقط، بل يسمى عضوا أيضا، وذلك مثل الأعضاء اللواتى هى كليات وفيها أجزاء أخر مثل الرأس والساق واليد وجميع العضد والصدر. فإن جميع هذه الأعضاء يقال لها كليات، ولها أجزاء أخر. وجميع الأجزاء التى لا يشبه أجزاؤها بعضها بعضا مركبة من التى أجزاؤها يشبه بعضها بعضا، مثل اليد: فإنها مركبة من جسم وعصب وعظام. 〈الفوارق بين الأجزاء〉 وجميع الأعضاء اللائى فى بعض أجناس الحيوان 〈إما أن〉 يشبه بعضها بعضا 〈أو〉 قد تختلف فى بعضها. فالأعضاء التى يشبه بعضها بعضا بالصورة مثل ما نقول إن أنف فلان يشبه أنف فلان، وعين فلان تشبه عين فلان، واللحم شبيه بلحم، والعظم يشبه بعظم: وبمثل هذا الفن يقال إن الفرس يشبه [٢] الفرس، وما كان من سائر أصناف الحيوان الذى يتفق بصورته. وذلك من أجل أنه كمثل ملاءمة الكل إلى الكل، كذلك ملاءمة كل واحد من الأجزاء إلى كل واحد من الأجزاء. وبعضها فى الاتفاق على مثل هذه الحال، ولكن اختلافها يكون من قبل الزيادة والنقص، وذلك يعرض لأصناف الحيوان المنسوبة إلى جنس واحد. وإنما أقول: جنس واحد، مثل الطائر والسمكة، فإن كل واحد من هذين يختلف بالجنس، وفى الطائر أصناف كثيرة، وفى السمك كمثل. وكثرة أعضائها تختلف من قبل ضديات خواصها، مثل اللون والشكل: فإن ذلك يعرض لبعضها أكثر، ولبعضها أقل. وتختلف أيضا بالكثرة والقلة، والعظم والصغر، وبقول كلى: بالزيادة والنقص، لأن بعضها لينة اللحم؛ وبعضها جاسية اللحم؛ ولبعضها منقار طويل، ولبعضها منقار قصير؛ وبعضها كثير الريش، وبعضها قليل الريش. وأيضا لبعضها أعضاء [أخر]، ولبعضها أخر. وذلك بين، من قبل أن لبعضها قنزعة على رؤسها، وليس لبعضها؛ ولبعضها ناصية، وليس لبعضها؛ ولبعضها عرف، وليس لبعضها. وبقول عام: أكثر الأعضاء التى منها ركبت أعظام الأجساد إما أن تكون هى فهى، وإما 〈أن〉 تختلف بالضديات والزيادة والنقص، فإن الأكثر والأقل يقال 〈عليه〉: زيادة ونقص. وليس لبعض الحيوان أجزاء هى فهى بالصورة، لا بالزيادة والنقص، بل بالملائمة التى تكون للعظم إلى الشوكة، وللظفر إلى الحافر ولليد إلى الزناقة، والريش إلى القشر فإنه بقدر ما يكون الريش فى الطير كذلك يكون القشر فى السمك. فبهذا النوع يقال إن أعضاء جميع الحيوان تختلف. وأيضا يختلف بعض أعضائها من قبل الوضع، فإن لبعض الحيوان أعضاء متفقة هى فهى؛ ولكن وصفها مختلف، وذلك مثل ما أقول إن ثدى بعض الحيوان فى الصدر وثدى بعضها فى البطن قريبا من الفخذين.
Page 8
وأيضا بعض الأعضاء التى يشبه أجزاؤها بعضها بعضا لينة ورطبة، وبعضها يابسة صلبة. فأما الرطبة منها فإنها 〈إما أن〉 تكون رطبة على كل حال، أو تكون رطبة ما كانت فى الطباع التى هى فيه [٣]، مثل الدم، ومائية الدم، والشحم، والثرب، والمخ، والمنى، والمرة، واللبن فى كل ما كان له لبن، واللحم، وما كان ملائما لهذه الأشياء التى سميناها. وبنوع آخر: الفضول، مثل البلغم، وما يجتمع من فضلة الطعام فى البطن والمثانة. وأما اليابسة الصلبة فمثل العصب، والجلد، والعرق، والشعر، والعظم، والغضروف، والظفر، والقرن — وجميع ما يلائم هذه الأشياء التى سميناها .
〈مختلف أصناف الحيوان〉
Page 9
وأيضا أصناف الحيوان تختلف من قبل تدبير معاشها، وأفعالها، وغذائها، وأجزائها التى ذكرنا بقول مقتصد. وسصنف فيما يستقبل جنسا جنسا، وكل ما يعرض له من الأعراض، وأصناف اختلافها من قبل تدابير أعمارها وأشكالها وأفعالها، فتقول: إن بعضها مائية، وبعضها برية. والمائية تقال بنوعين: إما لأن مأواها وغذاءها فى الماء، وتقبل الماء فى باطنها ثم تدفعه، فإذا عدمته لا تقوى على الحياة فى البر، مثلما يعرض لكثير من السمك؛ وإما أن يكون غذاؤها ومأواها فى الماء، ولا تقبل الماء فى بطنها، بل تقبل الهواء، وتلد خارجا من الماء، 〈وبعضها له أرجل〉 مثل الحيوان الذى يسمى باليونانية انودريس، ولاطقس، والتمساح، 〈وبعضها له أجنحة مثل زمج الماء αιΘυια la mouette〉 والطائر الذى يسمى باليونانية كولمبيس؛ والتى لا أرجل لها مثل الذى يسمى ادروس. وإما أن يكون غذاؤها فى الماء ولا تستطيع أن تعيش خارجا منه ولكن 〈لا〉 تقبل فى باطنها الماء ولا الهواء مثل ما يسمى باليونانية اقليفى، وأصناف الحلزون. وبعض الحيوان الذى يأوى فى الماء بحرى، وبعضه نهرى، وبعضه نقاعى مثل الضفدع، والحيوان الذى يسمى باليونانية قردولوس.
〈مختلف أنواع حياة الحيوان〉
Page 10
ومن الحيوان البرى ما يقبل الهواء ويخرجه، أعنى يتنفس، مثل الإنسان وجميع الحيوان البرى الذى له رئة. ومنه ما لا يقبل الهواء، وحياته وغذاؤه مما فوق الأرض، مثل الدبر والنحل وسائر الحيوان المحزز وإنما سمى محززا كل ما كان له تحزيز فى مقدم جسده أو فى مؤخره. وكما قلنا: كثير من الحيوان البرى يكسب طعمه وغذاءه من الماء. فأما ما كان من الحيوان الذى يأوى فى الماء ويقبل ماء البحر فى باطنه فليس يطعم من البر شيئا. وبعض الحيوان يعيش فى الماء، ثم يتغير إلى صورة [٤] أخرى ويعيش خارجا من الماء، مثل الذى يسمى باليونانية اسكرس، فإنه يأوى فى الأنهار أولا ثم تتغير صورته فيكون منه الحيوان الذى يسمى أسطرس، ويعيش خارجا.
Page 11
وأيضا بعض الحيوان ثابت على صورة واحدة، وبعضه متغير. فأما الحيوان الثابت على صورته فمأواه الماء. وأما الحيوان البرى فليس بثابت، بل يتغير. وبعض الحيوان يعيش فى الماء لأنه لاصق بصخرة مثل أجناس الحلزون. وفيما يظن للسفنج — وهو العام — شىء من الحس؛ والدليل على ذلك أنه لا ينجذب ولا يفارق الصخرة التى هو بها لاصق إن لم يحركه ويجذبه أحد بغتة، كما يزعم أهل الخبرة. وبعض الحيوان لاصق بصخرة وهو مرسل إذا طلب الطعام، مثل الجنس الذى يسمى باليونانية أقاليفى: فإن منه ما يبرز عن موضعه ليلا، ويرعى، ثم يرجع إليه. وكثير من الحيوان مرسل وليس بمتحرك عن مكانه مثل الحلزون، والتى تسمى باليونانية هلوثوريا. وبعضه يغوص برأسه مثل السمك والذى يسمى مالاقيا وكل ما كان جرمه لينا مثل الذى يسمى قاربو. وبعض الحيوان سيار مثل جنس السراطين، فإن طباعه طباع مائى، وهو سيار، وبعضه مشاء.
ومن المشاء ما هو طيار، وما يمشى على بطنه مثل مشى الدود وحركته. فأما جميع الطير فإنه يمشى. وكل ما كان جناحه من جلد يمشى أيضا، مثل الوطواط، لأن له رجلين. وبعض الطير ردىء الرجلين، ولذلك يقال إنه ليس له أرجل، مثل الخطاف، وهو طائر جيد الجناح. وكل ما يشبهه من الطير جيد الجناح ردىء الرجلين. وصورها جميعا متشابهة. فأما صنف منها — وهو الذى يقال له دريفانيس فإنه لا يظهر إلا بعد المطرة التى تكون فى أجزاء الصيف. وفى ذلك الأوان يظهر ويبدو. وجنس هذا الطائر قليل جدا، ولذلك لا يظهر إلا فى الحين مرة. 〈ومعظم الحيوان قادر على السباحة والمشى〉.
Page 12
〈العيش جماعة أو أفرادا〉
Page 13
وأيضا أصناف الطير تختلف من قبل أفعالها وتدابير معايشها، لأن منها ما يكون مع كثير من أصحابه؛ مثل الرف الذى يطير، ومنها ما يفارق سائر الطير الذى يناسبه ويشبهه وينفرد [٥] بنفسه، وذلك يعرض فى الطير والحيوان المشاء، وما يعوم منه. ومن الحيوان ما يفعل الفعلين: فيكون مرة متوحدا منفردا، ومرة مجتمعا مع ما كان مثله. ومن الحيوان المنفرد ما هو مدينى، ومنه ما يأوى القرى والمزارع. فأما الطير الذى يأوى مع أصحابه ويشاركهم بالجنس فمثل الحمامة والغرنوق والطير الذى يقال له ققنس (فأما ما كان من الطير الذى له أظفار معقفة، أعنى منحنية فليس يمكن أن يكون معه شىء من أمثاله)؛ وكذلك يعرض لكثير من أجناس السمك، مثل الذى يسمى باليونانية دروماذاس وثونو وبيلاموداس وأميا. فأما الإنسان فإنه يفعل الفعلين جميعا، لأنه ربما توحد وانفرد بنفسه، وربما كان مع الجماعة. فأما الحيوان المدينى فهو الذى يفعل كل ما ينسب إلى جنسه فعلا واحدا ويعمل عملا واحدا. وليس يفعل مثل هذا الفعل كل حيوان يأوى مع أمثاله. ومثل ما وصفنا: الانسان، والنحلة، والدبر، والنملة، والغرنوق. ومن هذا الحيوان ما يرأسه رأس ويكون له مطيعا، مثل جنس الغرانيق والنحل: فإن لهما رئيسا ومدبرا. ومنه ما ليس له رئيس ولا مدبر، مثل النمل وكثير من أشباهه. ومن الحيوان المنفرد و〈ذلك〉 الذى يكون مع أصحابه ما يكون فى مكانه مقيما فى كل زمان، ومنها ما يغيب فى بعض الأزمنة ثم يرجع إلى مكانه.
〈طرق المعيشة〉
ومن الطير ما يأكل الحبوب (ومنه ما يأكل الحبوب)؛ ومنه ما يأكل كلا، ومنه ما يأكل طعاما خاصا مثل جنس النحل وجنس العنكبوت: فإن طعم النحل العسل وأشياء أخر كثيرة من الحلو، فأما العنكبوت فإن معاشه من صيد الذباب. ومنها ما يعيش من أكل السمك. وبعضها صيادة، وبعضها مدخرة لطعمها، وبعضها على خلاف ذلك. ولبعض الحيوان مسكن ومأوى، وبعضه لا مسكن له. فأما الذى له مسكن منها فمثل الخلد والفأر والنحل والنمل. فأما ما ليس له مسكن، فمثل كثير من الحيوان المحزز الجسد وما كان منه ذا أربعة أرجل. وأيضا بعض الحيوان يأوى فى شقوق الصخر والحيطان والأماكن الضيقة مثل السام أبرص، والحيات. وبعضها يكون فوق الأرض مثل الفرس والكلب. ولبعضه أحجار موافقة لمأواها، وبعضها على خلاف ذلك. وأيضا بعضها يتحرى ويكسب مصلحة معاشه ليلا مثل البومة والوطواط؛ وبعضها يتحرك ويعيش فى النهار.
Page 14
وبعضها أنيسة فى كل حين، وبعضها وحشية فى كل حين. وأما الأنيسة فى كل حين فمثل الإنسان والبغل. وأما الوحشية فى كل حين فمثل الفهد والذئب؛ وربما صار الفهد أنيسا. ومن الوحشية ما يستأنس عاجلا، مثل الفيل. وينبغى أن يعلم أن جميع أجناس الحيوان الأنيسة توجد أيضا وحشية، مثل الإنسان والفرس والخنزير والشاة والعنز والكلب.
وأيضا بعض الحيوان يصوت، وبعضها لا يصوت، ولبعضها دوى. وبعض الحيوان ناطق 〈وبعضها〉 صامت، وبعضها لحنة حسنة الصوت، وبعضها ليست بلحنة. ويعرض لجميع الحيوان الذى يصوت شىء آخر مشترك أعنى كثرة الكلام والضوضاء عند أوان سفادها، ما خلا الإنسان.
وبعض الطير وحشى مثل الفاختة، وبعضها جبلى مثل الهدهد، 〈وبعضها يعيش مع بنى الإنسان، مثل الحمام العادى〉.
ومنها ما يكثر النكاح، مثل جنس الحجل والديكة. ومنها تقية زكية، مثل جنس الطائر الذى يسمى باليونانية قراقويدون، فإن جميع ما كان من هذا الجنس لا يسفد إلا فى الحين مرة.
Page 15
وأيضا بعض الحيوان البحرى لجى وبعضه شاطئى، وبعضه صخرى.
وأيضا بعض الحيوان مهارشة مقاتلة، وبعضها حافظة. وإنما أعنى 〈بقولى〉: مهارشة مقاتلة: ما يحمل منها ويشد على ما يمر به ويدفع عن نفسه بجهده كل ما يريد أن يضربه. فأما الحافظة، فعلى خلاف ذلك.
〈اختلافات الطباع〉
Page 16
فالحيوان يختلف بجميع الأصناف التى وصفنا. ويختلف أيضا بأنواع أخلاقها، لأن بعضها وديع قليل الغضب ليس بجاهل، مثل البقرة. وبعضها غضوب جاهل لا يقبل شيئا من الأدب، مثل الخنزير البرى. وبعض الحيوان جزوع، مثل الأيل 〈والأرنب البرى〉. وبعضها عادم الحرية مغتال، مثل الحية. وبعضها جرىء جلد كريم شريف، مثل الأسد. وبعضها مغتال قوى شديد وحشى، مثل الذئب. وأيضا بعض الحيوان منكر، ردىء الفعل، مثل الثعلب. وبعضها غضوب متحبب ملاق، مثل [٧] الكلب. وبعضها وديع يكيس ويستأنس سريعا، مثل الفيل. وبعضها حيى حفوظ، مثل الإوز. وبعضها حسود محب للجمال، مثل الطاووس. فأما الحيوان الذى له رأى ومشورة فهو الإنسان فقط. وكثير من الحيوان يحفظ ذكر عابرى، ويتعلم. فاما إطالة الفكرة فليست تكون إلا فى الإنسان. وسنصف، فيما نستأنف، جميع أخلاق كل واحد من أجناس الحيوان وأصناف تدبير معاشه، ونلطف النظر فى ذلك أكثر مما فعلنا فيما سلف.
[chapter 2: I 2] 〈أعضاء التغذية〉
ولجميع الحيوان عضوان يشترك فيهما: أعنى العضو الذى به يقبل الطعام، والذى به يخرجه. وهذان العضوان أيضا متفقان بقدر الأنواع التى وصفنا، أعنى بالمنظر، أو بالزيادة والنقص، أو بالملاءمة، أو بالوضع. وأيضا لها عضو آخر مشترك، أعنى الذى إليه يصير الطعام بعد دخوله فى الفم، وهو البطن. وينبغى أن يعلم أن الفضلة التى تكون فى أجواف الحيوان الذى له عضو قبول للفضلة الرطبة له أيضا وعاء قبول للفضلة اليابسة، فأما الحيوان الذى له وعاء قبول للفضلة اليابسة فليس له عضو قبول للفضلة الرطبة أيضا على كل حال. فكل حيوان له مثانة فله بطن أيضا. وليس كل ما له بطن فله مثانة أيضا.
Page 17
[chapter 3: I 3] 〈أعضاء أخرى〉
ولجميع الحيوان — الذى له زرع ويتولد منه حيوان مثله — عضو موافق له. فينبغى أن يعلم أن كل ذكر من الحيوان يلقى زرعه فى الأنثى. فأما الأنثى فإنها تلقى زرعها فى داخل رحمها. ومن الحيوان ما ليس فيه ذكر، ولا أنثى. ولجميع الحيوان — الذى له زرع ويتولد منه ولد — أعضاء موافقة لخلقة المحمول والمولود. وتلك الأعضاء أيضا تختلف بالصورة، لأن لبعض الإناث رحما، ولبعضها عضوا آخر ملائما للرحم. فهذه الأعضاء التى تكون فى جميع الحيوان، أو فى كثير منها: باضطرار وما لا بد منه.
وفى جميع الحيوان جنس واحد مشترك عام، أعنى الحس. وليس العضو الذى يكون فيه الحس يسمى باسم واحد خاص، لأن ذلك العضو فى بعض الحيوان متفق هو فهو، وفى بعضها عضو ملائم له.
[chapter 4: I 4]
Page 18
وفى كل حيوان رطوبة إذا عدمها — إما من قبل الطباع، وإما من قبل قسر وشدة [٨] — يبيد ويبلى. وفيه أيضا العضو الذى تجتمع فيه تلك الرطوبة، وهى فى بعض الحيوان دم، وفى بعضها رطوبة أخرى ملائمة للدم، أعنى الرطوبات التى ليست بتامة، مثل الليف والرطوبة التى إلى الصفرة ما هى شبيهة بمائية القيح. فحس اللمس يكون فى عضو أجزاؤه شبيهة بعضها بعضا أعنى فى اللحم وفى شىء آخر مثله، وذلك فى الحيوان الذى فيه دم. فأما فى الحيوان الذى ليس فيه دم، فإن الحس يكون فى عضو آخر ملائم للأعضاء التى ذكرنا. وهو يكون على كل حال فى الأعضاء التى يشبه أجزاؤها بعضها بعضا. فأما القوى الفاعلة فإنها تكون فى الأعضاء التى لا يشبه أجزاؤها بعضها بعضا، مثل قطع ومضغ الطعام؛ فإن القوة التى تفعل ذلك فى الفم، وقوة الحركة من مكان إلى مكان فى الرجلين، أو فى الجناحين، أو فى عضو آخر ملائم لهذه الأعضاء.
وأيضا فى بعض الحيوان دم، مثل الإنسان والفرس، وجميع ما ليس له أرجل ألبتة، أو له رجلان أو أربعة أرجل. وليس فى بعض الحيوان دم مثل النحل والدبر وبعض الحيوان البحرى مثل الذى يسمى باليونانية سبيا وقرابوس، وجميع ما له أكثر من أربعة أرجل.
[chapter 5: I 5] 〈طرق التوالد〉
Page 19
وأيضا بعض الحيوان يلد حيوانا، وبعضه يبيض بيضا، وبعضه يلد يرقا. فأما الذى يلد حيوانا فمثل الإنسان والفرس 〈والفاقم〉 وجميع ما له شعر وأعظم، من الحيوان البحرى مثل الدلفين والذى يسمى باليونانية سلاشى. ومنها ما له عضو خاص شبيه بأنبوبة وليس له أذن مثل الدلفين وفالاينا. وهذه الأنبوبة تكون فى ظهر الدلفين وفى جبهة فالاينا. ولبعض الحيوان البحرى إذن مكشوفة، مثل الذى يسمى باليونانية سلاشى وغليوى وباطو.
Page 20
وإنما أسمى بيضة: التى يكون الفرخ من جزء من أجزائها، وسائر ذلك يكون غذاءه حتى ينمى ويكمل. وأسمى دودة التى من كلها يكون كل الحيوان انفصل وقت صورته ونشأ. وينبغى أن نعلم 〈أن〉 بعض الحيوان الذى يلد حيوانا أيضا إنما يلد فى رحمه بيضا أولا. فإذا تم صار منه شبيه بدود. فإذا ولد ذلك الدود قبل صورته تامة، وكان منه حيوان مثل الحيوان البحرى الذى يسمى [٩] باليونانية سلاشى. وبعض الحيوان يلد فى الرحم حيوانا مثله؛ فإذا تم خلقه وكمل، خرج إلى خارج، مثل الإنسان والفرس، وكلها يلد حيوانا مثله. وبعض البيض يكون صلب الخزف وفى داخله لونان من الرطوبات، مثل بيض الطير. ومن البيض ما هو لين، وللرطوبة التى فى داخله لون واحد، مثل بيض الحيوان الذى يسمى سلاشى. وبعض الدود الذى يولد من الحيوان متحرك من ساعته، وبعضه لا يتحرك إلا بعد أيام. وسنصف ذلك كله صفة لطيفة فيما يستقبل، إذا أخذنا فى ذكر أولادها.
〈كيفية الحركة〉
وأيضا لبض الحيوان أرجل، ولبعضها لا. والذى له أرجل أيضا مختلف، لأن منه ما له رجلان فقط، مثل الإنسان والطير؛ ومنه ما له أربعة أرجل، مثل الفرس والثور وما كان من هذا الصنف؛ ومنه ما له أرجل كثيرة، مثل النحلة والدبر والحيوان الذى يسمى ذو أربعة وأربعين رجلا. وأرجل جميع الحيوان أزواج، ليس بأفراد.
Page 21
فأما الحيوان المائى الذى يعوم، فإن له أجنحة مثل السمك، ومنه ما له أربعة أجنحة: اثنان منها فى بطنه، واثنان فيما يلى الظهر، مثل السمك الذى يسمى خروسفروس واللبراق. ومنها ما له جناحان، مثل جميع السمك المستطيل الأملس، مثل الأنكليس والذى يسمى باليونانية 〈دليا وبعضها ليست له أجنحة قط، مثل الذى يسمى باليونانية〉 اسمورنيا وكل ما معاشه من الماء مثل معاش الحية من الأرض. وليس لبعض السمك الذى يسمى سلاشى أجنحة؛ مثل كل ما كان منها عريضا له ذنب، مثل الذى يسمى بلاتيا وقرقفورا؛ وإنما يعوم هذا الصنف بعرض جسده. وأما الضفدع البحرى فله أجنحة، 〈وكذلك〉 جميع ما لم يكن 〈جسمه العريض ذا شكل هدابى〉. فأما كل ما كان من السمك البحرى الذى يظن أن له أرجلا وهو يعوم بها وبالأجنحة، مثل جميع الصنف الذى يسمى باليونانية ملاقيا، فإنها تسرع الحركة والعوم حتى تصير من شاطئ البحر إلى اللج، وخاصة السمك الذى يسمى سبيا وطوثيس و والصنف الكثير الأرجل: 〈لكن ليس من بين النوعين الأولين من يمشى مثل الكثير الأرجل〉.
فأما ما كان من السمك الجاسى الجلد، مثل الذى يسمى باليونانية قرابس [١٠] فإنه يتحرك بذنبه حركة سريعة مع حركة أجنحته. والتمساح يتحرك ويعوم برجليه: وذنبه بقدر ما يقاس صغير إلى كبير، وذنب التمساح بذنب السمكة التى تسمى غلانيس.
Page 22
ولبعض الطيور ريش مثل العقاب والبازى. وبعضه محزز الجسد، مثل النحلة وما يشبهها. ومنها ما جناحه من جلد، مثل الوطواط وما يشبهه. ولجميع الطير الذى له ريش والذى جناحه من جلد: دم. فأما المحزز الجسد فليس له دم ألبتة. ولبعض الطير الذى له ريش والذى جناحه من جلد: رجلان؛ وليس لبعضه رجلان: فإنه يقال إن من الحيات حيات لها أجنحة وليس لها رجلان، وذلك يكون فى أرض الحبشة. وجميع ما له جناحان منسوب إلى جنس الطير.
ومن الطير الذى ليس له دم ما لجناحيه غلاف، لأن جناحيه تحت غطاء يسترهما، مثل الدبر والجعل. ومنه ما له غطاء رقيق شبيه بالقشر. ومما وصفنا ما له جناحان؛ ومنه ما له أربعة أجنحة. فأما التى لها أربعة أجنحة، فهى التى لها عظم، أو لها فى مؤخرها حمة. فأما التى لها جناحان فهى التى ليس لها عظم وهى التى تلسع بخرطومها الذى فى مقدم رؤسها. وليس لشىء مما لجناحه غلاف حمة. فأما التى لها جناحان فقط فهى تلسع بالخرطوم الذى فى مقدم رأسها، مثل الذباب والبعوض وذباب الدواب. وجميع الحيوان الذى ليس له دم، أصغر جثة من الحيوان الذى له دم، ما خلا الحيوان البحرى فإن منه حيوانا ليس له دم أكبر من حيوان له دم. وذلك يكون قليلا يسيرا، مثل بعض السمك الذى يقال له مالاقيا، فإن هذا الجنس يكون عظيما جدا فى الأماكن الحارة، لا سيما فى اللجج أكثر من الأماكن التى تقرب من البر، وخاصة فى المواضع التى تكثر فيها المياه العذبة الطيبة.
Page 23
وجميع ما يتحرك من الحيوان يتحرك بأربعة أعضاء من أعضائها، وبأكثر منها. وما كان من الحيوان الذى له دم فهو يتحرك بأربعة أعضاء فقط، مثل الإنسان: فإنه يتحرك برجلين ويدين. فأما ما كان ذا [١١] أربع، فإنه يتحرك بأربعة أرجل. والسمك يتحرك بأربعة أجنحة: فأما ما كان له جناحان أو ليس له رجلان ألبتة فهو يتحرك أيضا على أربعة، أعنى الالتواء الذى يلتوى إذا مشى ويرفع بعض جثته على الأرض ويضع عليها بعضها، مثل الحية. وأما ما كان من الحيوان الذى ليس له دم — إن كان من جنس الطير، وإن كان من جنس المشاء — فهو يتحرك بأرجل كثيرة، مثل الحيوان الذى يسمى افاميرون فإنه يتحرك بأربعة أجنحة وأربع أرجل. وإنما سمى بهذا الاسم لأنه لا يعيش إلا يوما واحدا 〈وهو ذو أجنحة وإن كان ذا أربع أرجل〉.
وأما السرطانات فإن لها ستة أرجل تتحرك بها حركة معتدلة.
Page 24
[chapter 6: I 6] 〈الأجناس والأنواع〉
والأجناس الكلية التى منها تجزأ سائر الأجناس فهذه: أما الواحد فجنس الطير، والآخر جنس السمك، والآخر جنس السباع البحرية العظيمة الجثث. ولجميع هذه الأجناس دم. ومن الحيوان جنس آخر، أعنى الجاسى الخزف، وهو كل ما كان من أصناف الحلزون. وأيضا جنس آخر، وهو الذى يسمى لين الخزف، مثل الذى يسمى قارابوا وأجناس من أجناس السراطين، والذى يسمى اسطاقوس، وجنس آخر يسمى مالاقيا مثل طوثيدس وطوڤس وسبيا. وجنس آخر يقال له جنس [الطير] المحزز الجسد. وليس لشىء من هذا الجنس دم ألبتة. فأما ما كان من الحيوان البحرى الذى له أرجل فهو كثير الأرجل. ومن الحيوان المحزز الجسد ما يطير، ومنه ما لا يطير.
Page 25