71

ياأبانا إبراهيم ، لا لوم على اليهود والنصارى الذين عاندوا الحق بغيا بينهم لما جاءتهم البينة ، فها هي الامة التي أنقذها الله بولدك محمد وأخرجها من الظلمات إلى النور وجعلها خير أمة أخرجت للناس ، فهي الاخرى اختلفت وتفرقت وكفر بعضها بعضا ، وقد حذرهم رسول الله ونبههم إلى ذلك وضيق عليهم حتى قال : « لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث » فما بال هذه الامة قد انقسمت وافترقت وأصبحت دويلات يعادي بعضها البعض ويحارب بعضها البعض ويكفر بعضها البعض وحتى لا يعرف بعضها البعض الآخر ، فيهجره طيلة حياته ، ما لهذه الامة ياأبانا إبراهيم بعد ما كانت خير الامم وقد ملكت الشرق والغرب وأوصلت للناس الهداية والعلوم والمعرفة والحضارة ، إذا بها اليوم أصبحت أقل الامم وأذلها فأراضيهم مغتصبة وشعوبهم مشردة ومسجدهم الاقصى تحتله عصابة من الصهاينة ولا يقدرون على تحريره ، وإذا زرت بلدانهم فإنك لا ترى إلا الفقر المدقع والجوع القاتل والاراضي القاحلة ، والامراض الفتاكة والاخلاق السيئة ، والتخلف الفكري والتقني ، والظلم والاضطهاد ، والاوساخ والحشرات ، ويكفيك فقط أن تقارن بيوت الراحة « المراحيض » العمومية كيف هي في أوروبا وكيف هي عندنا ، فإذا دخل المسافر إلى المراحيض

( 1 ) سورة يونس : آية 44 .

Page 72