162

The Tatars from the Beginning to Ain Jalut

التتار من البداية إلى عين جالوت

Genres

استقرار الوضع الداخلي الخطوة الأولى التي حرص عليها قطز ﵀: هي استقرار الوضع الداخلي في مصر، واستقرار الوضع لن يأتي إلا بقطع أطماع الآخرين في كرسي الحكم الذي يجلس عليه، فالطامع في الكرسي لن تهدأ له نفس، ولن تستقر له حال، حتى يجلس على الكرسي الذي يريد، وهو ﵀ لم يقطع أطماعهم عن طريق التهديد والوعيد، فالتهديد والوعيد قد يزيد الفتن اشتعالًا، ويؤجج نيران الحقد والحسد والغل في المجتمع، ولم يقطعها كذلك بتزوير إرادة الشعب، وإيهام الجميع أن الشعب يريده هو بذاته، ولم يقطعها بالخداع والغش والمؤامرات والتحايل أبدًا، ولكنه عمل شيئًا غريبًا جدًا، فقد ارتفع ﵀ بأخلاق المنافسين، إلى درجة لم يتعودوا عليها في الفترة الأخيرة في مصر، فقد جمع ﵀ الأمراء وكبار القادة وكبار العلماء، وأصحاب الرأي في مصر، وهؤلاء هم المحركين الفعليين لطوائف الشعب المختلفة، والقدرة على التأثير على الناس، وقال لهم: إني ما قصدت من اعتلاء العرش في مصر، وإقصاء السلطان الطفل نور الدين علي وجلوسي مكانه، إلا أن نجتمع على قتال التتر، ولا يتأتى ذلك بغير ملك، فلا يعقل أن نقاتل التتر أكبر دولة في الأرض في ذلك الزمن وعلى الكرسي طفل سنه (١٥) سنة، فحتى لا تسقط هيبتنا من أعين التتار إذا رأوا هذا الأمر. إذًا: فالقضية الأولى من استلامه الحكم واضحة جدًا في ذهنه ﵀، وهو حرب التتار والجهاد في سبيل الله، ولا يتأتى ذلك بغير ملك. ثم يقول: فإذا خرجنا وكسرنا هذا العدو فالأمر لكم، أقيموا في السلطة من شئتم. فهو لن يتدخل ﵀ في ذلك الأمر، وإنما المهم عنده هو إنهاء القضية الكبيرة التي تواجهها الأمة الإسلامية بأكملها، وليس مصر فقط، وهي قضية العدو الخارجي التتار، الذين احتلوا نصف البلاد ويقتربون الآن من النصف الآخر. وعندما سمع الرجال الذين جمعهم قطز ﵀ هذا الكلام هدءوا جميعًا، ورضوا بذلك.

8 / 18