The Tatars from the Beginning to Ain Jalut
التتار من البداية إلى عين جالوت
Genres
دخول التتار دمشق
حمل أعيان دمشق مفاتيح المدينة إلى جيش التتار، فاستقبلهم كتبغانوين القائد الجديد الذي ولاه هولاكو قبل أن يغادر الجيش، فأعطى أهلها الأمان فعلًا، وتقدم بجيشه لدخول المدينة العظيمة الكبيرة دمشق.
وها هي دمشق عاصمة الخلافة الأموية تسقط كما سقطت من قبل بغداد عاصمة الخلافة العباسية.
وكانت دمشق واحدة من أعظم مدن الإسلام قاطبة، ومن أهم ثغور الجهاد، ومن أرقى دور العلم.
زحفت الجيوش التترية على دمشق، وانسابت من أبوابها إلى داخلها دون أدنى مقاومة.
أواه يا درّة الشام، ويا قلب العالم الإسلامي! أين أبو عبيدة بن الجراح؟ وأين خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة ﵃ أجمعين؟ أين الذين فتحوا هذه المدينة الحصينة منذ أكثر من ستة قرون؟ أين معاوية ﵁ وأرضاه الذي حكم الدنيا بكاملها من هذا المكان؟ أين خلفاء بني أمية ﵏ الذين فتحوا البلاد الواسعة التي أسقطها التتار الآن؟ أين عماد الدين زنكي ونور الدين محمود رحمهما الله اللذان سطّرا بجهادهما آيات من المجد والعزة والفخار؟ أين صلاح الدين الأيوبي ﵀ الذي يرقد الآن في مدينة دمشق؟ مرت الأيام وشاهد المسلمون في دمشق ما لم يخطر على أذهانهم مطلقًا، شاهدوا ثلاثة أمراء من النصارى يتبخترون بخيولهم في مقدمة جيوشهم، وهم يخترقون أبواب دمشق، ويسيحون في شوارع المدينة الإسلامية العظيمة، لقد كان يتقدم جيوش التتار كتبغانوين النصراني قائد الجيش التتري، وبصحبته الملك هيثوم النصراني ملك أرمينيا، والأمير بوهمند النصراني أمير أنطاكية.
وهذه أول مرة يدخل أمراء النصارى مدينة دمشق منذ أن تركها أمراء الجيوش الرومانية أيام هرقل قيصر الروم، عند الفتح الإسلامي لها في سنة (١٤) هجرية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أعطى التتار الأمان فعلًا لأهل دمشق ولم يقتلوا منهم أحدًا، إلا أولئك الذين تحصنوا في قلعة دمشق، وكانت سقوط دمشق في أواخر صفر سنة (٦٥٨هـ)، يعني: بعد سنتين من سقوط بغداد، وهو زمن قياسي جدًا، فقد اجتاح التتار في هاتين السنتين مساحات هائلة من الأراضي، وأسقطوا مدنًا كثيرة في العراق وتركيا وسوريا، مع الكثافة السكانية الهائلة في هذه المناطق.
6 / 14