The Story of Moses and Al-Khidr
قصة موسى والخضر
Genres
قصة موسى والخضر
إن الحمد لله، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:١٠٢] .
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:١] .
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧٠-٧١] .
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد ﵌، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
هذا هو الدرس الأول من الدروس المستفادة من قصة موسى والخضر ﵉.
روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث سعيد بن جبير ﵀، قال: قيل لـ ابن عباس ﵄: إن نوفل المثالي يزعم أن موسى الذي صاحب الخضر ليس هو موسى بني إسرائيل، قال ابن عباس: كذب عدو الله، حدثني أبي بن كعب عن النبي ﵌ قال: (خطب موسى في بني إسرائيل يومًا حتى ذرفت العيون ووجلت القلوب، فلما انصرف تبعه رجل، فقال: يا نبي الله! هل هناك أعلم منك في الأرض؟ قال: لا.
فعتب الله ﷿ عليه إذ لم يرجع العلم إليه، قال: بلى، إن لي عبدًا في مجمع البحرين هو أعلم منك، قال موسى: أي رب! وكيف لي به؟ قال: خذ حوتًا واجعله في مشكل) وفي رواية: (قال: خذ نونًا ميتًا -والنون: هو الحوت، وإليه نسب يونس ﵇ «وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا» [الأنبياء:٨٧]، فالنون هو الحوت، وكل سكان البحر يعد من الحيتان، فالسمك اسمه حوت، قال ابن عباس: اشتهيت حيتانًا، أي: أسماكًا- قال: خذ نونًا ميتًا واجعله في مشكل، فحيث فقدته فهو ثم -أي حيث فقدت هذا الحوت فالخضر هناك، فانطلقا، حتى إذا كانا ببقعة من الأرض قال موسى لفتاه: لا أكلفك كثيرًا، أيقضني إذا رد الله الحياة في الحوت، قال: ما كلفت كثيرًا، ثم إن الحوت ارتدت إليه الحياة وقفز في البحر، فأمسك الله عليه الماء وحبسه فلم يستطع أن يذهب.
فلما استيقظ موسى ﵇ نسي غلامه أن يخبره أن الحوت قفز في الماء، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، فلما كانا من الغد قال موسى لفتاه: ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا﴾ [الكهف:٦٢]، تذكر الفتى أن الحوت المشوي الذي كانا سيتغديان به قفز في الماء، قال: ﴿أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾ [الكهف:٦٣] ﴿فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾ [الكهف:٦٤] رجعا يقصان الآثار مرة أخرى.
فلما ذهبا إلى هناك وجدا عبدًا مسجى ببردة خضراء تحت قدميه وتحت رأسه، كالذي يلتحف بلحاف فيجعله تحت رأسه وتحت قدميه، فسلم عليه موسى، فكشف عن وجهه، وقال: وهل بأرضي سلام؟ من أنت؟ قال: أنا موسى.
قال: أنت موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم.
-هذا هو السؤال الذي من أجله قال ابن عباس: كذب عدو الله؛ لأن الخضر ﵇ قال: أنت موسى بني إسرائيل؟ - قال: وما تريد؟ قال: أريد أن أتعلم.
قال: «إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا» [الكهف:٦٧] .
قال: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا﴾ [الكهف:٦٩] .
فجاء عصفور فنثر من ماء البحر نثرة، فقال الخضر: يا موسى! إن مثل علمي وعلمك بجانب علم الله ﷿ كمثل الماء الذي أخذه هذا العصفور بمنقاره ﴿فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ [الكهف:٧٠] .
فانطلقا، ووقفا على شاطئ البحر، فمر مركب فأراد الخضر وموسى أن يركبا، فقال الغلمان: عبد الله الصالح لا نحمله بأجر، فعمد إلى مكان في السفينة فخلع منه لوحًا بقدوم ووضع مكانه خشبة، قال موسى: قوم حملونا بغير أجره تخلع لوحًا من سفينتهم لتغرق أهلها، لقد جئت شيئًا إمرًا ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ [الكهف:٧٢]، قال النبي ﵌: وكانت هذه من موسى نسيانًا.
فلما نزلا من السفينة وجدا أُغيلمة يلعبون، فعمد الخضر إلى ولد وضيء جميل ذكي، فأخذه من رأسه وأضجعه على الأرض وذبحه بالسكين، فقال موسى: عمدت إلى نفس لم تعمل الحل فقتلتها بغير نفس، لقد جئت شيئًا نكرًا، قال الخضر ﵇: «أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا» [الكهف:٧٢]، قال النبي ﷺ: وكانت هذه شرطًاَ)؛ لأن موسى ﵇ قال له: ﴿إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا﴾ [الكهف:٧٦] وهناك فرق في التحذير بين المرة الأولى والثانية، ففي المرة الأولى قال له الخضر: ﴿أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ [الكهف:٧٢]، وفي المرة الثانية قال له: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ [الكهف:٧٥]، فكأنه استدار إليه وأشار إليه، ولذلك فرق النبي ﵊ بينهما وبين أن الأولى كانت من موسى نسيانًا فلم يشدد الخضر عليه، وكانت الثانية شرطًا في المفارقة، لذلك كأنه التفت إليه وحذره وأشار: ألم أقل لك -أي: في المرة الثانية- إنك لن تستطع معي صبرًا.
فدخلوا إلى قرية: ﴿فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ [الكهف:٧٧] ﴿قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾ [الكهف:٧٨]، قال النبي ﵊: (يرحم الله موسى -وفي رواية: رحمة الله علينا وعلى موسى- وددنا أنه صبر حتى يقص الله ﷿ علينا من أخبارهما) .
1 / 2