98
حياء موسى وإيذاء بني إسرائيل له وكَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى سَوْأَةِ بَعْضٍ، وَكَانَ نَبِيُّ اللهِ مُوسَى ﵇ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا، مَا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ وَيَسْتَتِرُ إِذَا اغْتَسَلَ. فَقَالُوا: وَاللهِ مَا يَسْتَتِرُ مُوسَى هَذَا السِّتْرَ، إِلَّا مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ، إِمَّا بَرَصٌ، وَإِمَّا أُدْرَةٌ (^١) وَإِمَّا آفَةٌ. وَإِنَّ اللهَ ﷿ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا؛ فَذَهَبَ مُوسَى ﵇ يَوْمًا يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ ثُمَّ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا فَرَغَ، أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأخُذَهَا، فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ فَخَرَجَ فِي إِثْرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي يَا حَجَرُ، ثَوْبِي يَا حَجَرُ. حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَتَوَسَّطَهُمْ فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا، فَإِذَا أَحْسَنُ النَّاسِ خَلْقًا وَأَعْدَلَهُمْ صُورَةً وَأَبْرَأَهُ مِمَّا كَانُوا يَقُولُونَ. فَقَالَ الْمَلَأُ: قَاتَلَ اللهُ أَفَّاكِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَاللهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأسٍ. فَقَامَ الْحَجَرُ (^٢)، وَأَخَذَ نَبِيُّ اللهِ ثَوْبَهُ وَلَبِسَهُ، وَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا بِعَصَاهُ، فَوَاللهِ إِنَّ بِالْحَجَرِ لَنُدَبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ، ثَلَاثًا، أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا. فَكَانَتْ بَرَاءَتُهُ الَّتِي بَرَّأَهُ اللهُ ﷿ بِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى، فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا، وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهًا﴾.

(^١) عِظَمُ الخصيتين. (^٢) أي: توقف، وأقام فِي مَوْضِعِه. وَهُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى: (وَإِذا أظلم عَلَيْهِم قَامُوا). أي: توقفوا.

1 / 105