ولم يعرف ولن يعرف أناس أشد ارتباطا بمبادئهم من أصحاب رسول الله ﷺ، بينما كان المصاب الجلل فيه يملك عليهم أحاسيسهم، ويكاد يفقدهم صوابهم، والعواطف المتأججة بالحزن تملأ قلوبهم، وهو ﷺ مسجى بغطاء الموت، وما أطيبه حيا وميتا، بينما الحال كذلك إذ بهم يجتمعون في ثقيفة بني ساعدة؛ ليدبروا أمر استمرار المسيرة الرائدة، وتجتمع الكلمة على أبي بكر من منطق أنه الصديق خير رفيق، فهو ثاني اثنين، وهو المأمور بتقديمه للإمامة، ويتولاها أبو بكر قويا على أعبائها أمينا على مسئولياتها، فهو المتبع المقتدى.
فإذا ارتد أكثر العرب، واشرأب النفاق في المدينة أَبَى أبو بكر إلا أن ينفذ بعث أسامة من منطق أنه أمر أمضاه رسول الله ﷺ، وما يكون له أن ينقض ما أمضى، وإذا عرض عليه المرتدون إسلاما بصلاة من غير زكاة، ولم تطب نفوسهم بأداء حق الله أبى إلا مقاتلتهم، فإذا عورض بأنهم موحدون قالوا: لا إله إلا الله، وبقولها تعصم دماؤهم وأموالهم إلا بحقها.
أقسم بارا غير حانث ليقاتلن من فرق بين الزكاة والصلاة، واعتبر الزكاة حق المال، ولو منعوه عناقا أو عقالا كانوا يؤدونه إلى النبي ﷺ لقاتلهم عليه.
وينشرح صدر الجميع لما انشرح له صدر أبي بكر، ويمضي الصديق في طريق حسن الاتباع متجنبا الابتداع، فإذا أتته فاطمة الزهراء تسأل