The Sealed Nectar with Additions
الرحيق المختوم مع زيادات
Publisher
دار العصماء
Edition Number
الأول
Publication Year
١٤٢٧
Publisher Location
دمشق
Genres
وعن عبد الله بن مسعود قال: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر «١» .
ممثل قريش بين يدي الرسول ﷺ:
وبعد إسلام هذين البطلين الجليلين- حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب ﵄ أخذت السحائب تتقشع، وأفاق المشركون عن سكرهم في إدلاء العذاب والنكال إلى المسلمين، وحاولوا مساومة مع النبي ﷺ بإغداق كل ما هو ممكن أن يكون مطلوبا له؛ ليكفوه عن دعوته. ولم يكن يدري هؤلاء المساكين أن كل ما تطلع عليه الشمس لا يساوي جناح بعوضة أمام دعوته، فخابوا وفشلوا فيما أرادوا.
قال ابن إسحاق: حدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال: حدثت أن عتبة بن ربيعة، وكان سيدا، قال يوما، وهو في نادي قريش، ورسول الله ﷺ جالس في المسجد وحده: يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد؟ فأكلمه، وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها، فنعطيه أيها شاء، ويكف عنا؟ وذلك حين أسلم حمزة ﵁، ورأوا أصحاب رسول الله ﷺ، يكثرون ويزيدون، فقالوا: بلى، يا أبا الوليد قم إليه، فكلمه، فقام إليه عتبة، حتى جلس إلى رسول الله ﷺ فقال: يا ابن أخي، إنك منا حيث قد علمت من السطة «٢» في العشيرة، والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفرت به من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها، لعلك تقبل منها بعضها. قال: فقال رسول الله ﷺ: «قل يا أبا الوليد أسمع»، قال: يا ابن أخي، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا، حتى لا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه- أو كما قال له- حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله ﷺ يستمع منه: قال: «أو قد فرغت يا أبا الوليد؟» قال: نعم، قال: «فاسمع مني»، قال: أفعل،
_________
(١) صحيح البخاري، باب إسلام عمر بن الخطاب ١/ ٥٤٥.
(٢) السطة: أي أو سطهم حسبا ونسبا.
1 / 59