254

al-ẓāhira al-Qurʾāniyya

الظاهرة القرآنية

Editor

(إشراف ندوة مالك بن نبي)

Publisher

دار الفكر

Edition

الرابعة

Publication Year

١٤٢٠ هـ -٢٠٠٠م

Publisher Location

دمشق سورية

Regions
Algeria
هذه النتيجة القائمة حتى الآن على ملاحظة وجوه الشبه، تتحتم أكثر من ذلك حين نأخذ في اعتبارنا صفات القرآن الخاصة. والحق أنه حتى في تاريخ الوحدانية، الذي تتوثق فيه القرابة بين القرآن والكتاب المقدس يؤكد القرآن غالبًا استقلاله بعلائم مميزة كثيرة، كتلك التي جمعناها في الجدول الموازن لقصة يوسف، وأيضًا فيما نراه في مشهد عبور بني إسرائيل البحر الأحمر وقد غرق فرعون وجنوده كما روى (سفر الهجرة) (١) ة ولكن رواية القرآن تكمل هذا العرض بتفصيل غير متوقع، وهو أيضًا غير عادي! .. أعني: (النجاة البدنية) لفرعون الذي أفلت بأعجوبة من الغرق. لكن علماء الدراسات المصرية خاصة يهاجمون الرواية الكتابية، مدعين أن تاريخ ملوك مصر لم يسجل اختفاء فرعون المعاصر لموسى في البحر الأحمر، ولنتأمل الآن ما ذكرته الرواية القرآنية:
﴿آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾ [يونس ٩١/ ١٠، ٩٢]
لقد فتش التفسير الكتابي- بصفة خاصة- عن التأييد التاريخي لاختفاء فرعون موسى، في الوثائق التي تحدثت عن حياة (امنحتب الرابع) وهو اسم السلالة الملكية للشخصية المصرية. ويعتمد الأستاذ (هيلير دي بارانتون Hilair de Parenton) في هذا على مذكرات (مورسيل Les Mémoires de Moursil) وهو أمير حيثي، كتب في مذكراته أن: " ملكة مصر التي كانت عابدة كبيرة للإله آمون أرسلت رسولًا إلى أبي، وكتبت له قائلة: مات زوجي وليس لي ولد .. "، ولكن الملك الحيثي ارتاب في موت فرعون إلى أن كتبت له الملكة تبعا للنص نفسه: "لم قلت: إنهم يريدون أن يخدعوني .. إن الناس جميعا

(١) أحد أسفار التوراة.

1 / 262