al-ẓāhira al-Qurʾāniyya
الظاهرة القرآنية
Editor
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
Publisher
دار الفكر
Edition Number
الرابعة
Publication Year
١٤٢٠ هـ -٢٠٠٠م
Publisher Location
دمشق سورية
Genres
ولقد وضع هذا المغيب المكشوف تحت نظر النبي ما يشبه القياس الذي يتيح له أن يفصل ما هو شخصي بالنسبة له، كأفكاره ومكاشفاته العادية عما لا يتصل بشخصه، فهو صادر عن الوحي.
لقد بحث العلماء المسلمون هذه المشكلة في مختلف أشكالها، وعالجها الشيخ (محمد عبده) في رسالة التوحيد، في هذه العبارات، قال بعد تعريف الوحي لغة: "وقد عرفوه شرعًا أنه إعلام الله تعالى لنبي من أنبيائه بحكم شرعي ونحوه. أما نحن فنعرفه على شرطنا بأنه عرفان يجده الشخص في نفسه، مع اليقين بأنه من قبل الله بواسطة أو بغير واسطة، والأول بصوت يتمثل لسمعه أو بغير صوت، ويفرق بينه وبين الإلهام بأن الإلهام وجدان تستيقنه النفس، وتناسق إلى ما يطلب من غير شعور منها من أين أتى، وهو أشبه بوجدان الجوع والعطش والحزن والسرور" (١)
ولقد بقي في هذا التعريف الذي أسهب الأستاذ الإمام في تحديده بعض الغموض فيما يتصل بتفسير اليقين عند النبي.
والواقع أننا في الحالة التي لا يكون الوحي فيها منتقلًا بطريقة محسة - مسموعة أو مرئية- سنقع في تعريف الوحي تعريفًا ذاتيًا محضًا، إذ أن النبي في التحليل الأخير لا يدري بصفة موضوعية كيف جاءته المعرفة، وهو يجدها في نفسه مع تيقنه بأنها من عند الله، إن في ذلك تناقضًا واضحًا يخلع على ظاهرة الوحي كل خصائص المكاشفة، ولكن هذه- كما يجب أن نكرر- لا تنتج يقينًا مؤسسًا على إدراك، ذلك الذي يبدو أنه اليقين المقصود في الآيات التي ورد فيها ذكر الوحي، والتي تتصل خاصة بإعداد (محمد) الشخصي لفهم طبيعة الظاهرة القرآنية.
(١) رشيد رضا (الوحي المحمدي) [ص:٢٨] القاهرة ١٩٣٥م.
1 / 146