هذا الشباب كثيرين من أصحابه الذين أصبحوا فيما بعد- مثل عمر- أبطالًا وشهداء في سبيل دعوته.
وفي هذا المرجع التاريخي شهادة ضمنية من ألمع الأسماء في التاريخ الإسلامي، مثل خالد بن الوليد وعثمان بن عفان وغيرهما.
أولئك الذين أصدروا على نبي المستقبل حكمًا موجزًا، ولكن كم هو بليغ حين أسموه (الأمين). لقد كان في أعينهم في ذلك العصر الصادق الأمين، وهذه الشهادة التاريخية تعطينا تفصيلًا ثمينًا للصورة النفسية التي نحاول رسمها، ومع ذلك فإن حياته العادية البسيطة تستمر دون شيء خاص في قطار أيامه؛ حتى سن الخامسة والعشرين. فلم يزل (محمد) عزبًا، لأنه لم يستطع الزواج، إذ لكي يطلب يد إحدى شريفات مكة ربما وجب عليه أن يدفع صداقًا كبيرًا لا تسمح له به ثروته المتواضعة.
الزواج والعزلة
ومع ذلك ففي سن الخامسة والعشرين، جاءه غلام يسمى (ميسرة) ليفاتحه في أمر الزواج؛ ودار الحديث حول أرملة غنية شريفة من نساء مكة، تسمى (خديجة). ولقد رفض النبي مقدرًا حالته المتواضعة بالنسبة لوضع الزوجة المقترحة، ولكن الغلام الذي عرف كيف يبدد وساوسه، وتدخلت خديجة بنفسها لتأييده.
ونحن ندين لهذا التدخل ذاته بتفصيل قيم بالنسبة لتاريخ (الظاهرة القرآنية)، فقد كانت توجد في مكة إبان تلك الحقبة حالة نفسية خاصة، كما يوجد دائمًا في كل مكان قبيل الأحداث الهامة كالحرب مثلًا.
كان أهل مكة ينتظرون النبي الموعود في سلالة إسماعيل، وكانت خديجة