Al-khiṭāb al-Qurʾānī li-ahl al-kitāb wa-mawqifuhum minhu qadīman wa-ḥadīthan
الخطاب القرآني لأهل الكتاب وموقفهم منه قديما وحديثا
Genres
المطلب الثاني: أمثلة على التحريف بالتبديل قديمًا:
وأما التحريف بالتبديل فقد كانوا يمارسونه غالبًا في تبديل الأحكام الشرعية وغيرها، ومما جاء في الخطاب القرآني في ذلك ما يلي:
الأول: ما جاء في قوله تعالى: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (١).
لقد كان في كتب أهل الكتاب قديمًا أن حدَّ الزاني هو الرجم كما هو عند المسلمين، ولكن محرفي أهل الكتاب استبدلوها بالتحميم والجلد، وقد ورد ذلك في حديث البراء بن عازب ﵁ قال: ﴿مر على النبي ﷺ بيهودي محممًا (٢) مجلودًا فدعاهم الرسول ﷺ فقال: هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟
قالوا: نعم.
فدعا رجلًا من علمائهم فقال: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟
قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك؛ نجده الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، قلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم.
فقال رسول الله ﷺ: اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه، فأمر به فرجم، فأنزل الله ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ .. إلى قوله إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ﴾ (٣). يقول: ائتوا محمدًا ﷺ فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، فأنزل الله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ (٤). وقوله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللهُ
(١) سورة المائدة الآية: (٤١).
(٢) أي مسود الوجه من الحممة الفحمة، انظر: شرح صحيح مسلم، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنا (٣/ ١٣٢٧) رقم: (١٧٠٠) مرجع سابق ..
(٣) سورة المائدة الآية: (٤١).
(٤) سورة المائدة الآية: (٤٤).
1 / 231