صاحبه إلا رائحة طيبة أو يشتري منه مسكًا، فعلى الآباء أولًا إرشاد أبنائهم وأقاربهم وإخوانهم الشباب وغيرهم إلى مجالسة الصالحين، وتحذيرهم من مجالسة الفساق والعاصين؛ فإنهم إذا جالسوا الصالحين فسوف يعينونهم على الحق، ويذكِّرونهم إذا نسوا.
أما أهل الفسق والضلال فإنه لا يأتي منهم إلا شر ولا يعملون إلا فجورًا وعصيانًا والعياذ بالله، وقد أخبرنا الله ﷾ بالذي يَعضّ على يديه يوم القيامة ويذكر سبب ذلك أنه: كان جليسه، وخليله، وصديقه الذي كان يرشده ويهديه إلى: الفسق، والكفر، والعصيان، قال ﷿: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا* يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَنًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا﴾ (١).
يخبر تعالى عن ندم الظالم الذي فارق طريق الرسول ﷺ، وما جاء به من عند الله من الحق المبين الذي لا مرية فيه، وسلك طريقًا أخرى غير سبيل الرسول، فإذا كان يوم القيامة ندم حيث لا ينفعه الندم (٢). وقد قال الله ﷿: ﴿الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِين﴾ (٣).
فنأخذ مما تقدم أن الخليل يتحسَّر على ما فعل مع خليله، الذي يعلم أنه لم يردُّه عن طريق الحق إلا هذا الخليل الضال، فقد ردَّه
(١) سورة الفرقان، الآيات: ٢٧ – ٢٩.
(٢) تفسير ابن كثير (٣/ ٣١٨).
(٣) سورة الزخرف، الآية: ٦٧.