The Prophetic Biography between Narrated Traditions and Quranic Verses
السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية
Genres
ويبين هذا قوله: ﴿لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾، وإن المؤمنين لم يعرفوا مراد الله إلا من جهة الرسول ﷺ، ويكون المعنى: لا تقدموا بين يدي رسول الله ﷺ وإنما ذكر قبله اسم الله للتنبيه على أن التقديم بين يديه ﷺ إنما هو تقديم بين يدي الله تعالى، وتهجين هذا الفعل واستقباحه وهو أن تفعل بين يدي المعظم ما تقدم به فعلك أو قولك.
ويكون المقصود من الآية النهي عن إبرام شيء دون إذن من رسول الله ﷺ نفسه، ويحصل معنى آخر وهو الأمر باتباع رسول الله ﷺ في كل أمر من أمور المؤمن، ولا ينفرد عنه، وهو ما يبرهن عليه التركيب، إذ هو تمثيل بتشبيه حال من يفعل فعلًا دون إذن من الله ورسوله ﷺ بحال من يتقدم مماشيه في مشيه ويتركه خلفه، ووجه الشبه الانفراد عنه في الطريق، فهو أدب إذا باق إلى نهاية الدنيا مع النبي ﷺ.
ولا بأس من ذكر سبب نزول هذه الآيات الكريمات أولًا: لنبرهن به على ما كان عليه أصحاب رسول الله ﷺ في التنافس على اتباع تعاليمه والتأدب بأحسن الأدب معه ليكون في ذلك قدوة للمصدقين بنبوة النبي ﷺ المؤمنين به، وعلامة بارزة على أنهم إنما كانوا يفعلون ذلك طاعة لله ﷾، عندما صدقوا بنبوة الرسول ﷺ، وأيقنوا بصحة الوحي وصدقه إليه ﷺ وهو ما يدل على أنه رسول الله حقًا. ثانيًا: لنمهد به للأدب الثاني وهو عدم رفع الصوت عنده وهذا السبب لنزول الآية له شقان:
الأول: المتعلق بالأعراب من بني تميم الذين نزلت الآيات لترشدهم مع التوبيخ إلى أصول الأدب مع الرسول ﷺ.
الثاني: وهو المتعلق بالخيرين أبي بكر وعمر ﵄.
وسنقتصر على ما رواه البخاري في صحيحه؛ لأنه أيا ما كان السبب فهو يدور حول أدب التعامل مع النبي ﷺ، والتحذير الشديد من مخالفة ذلك، روى البخاري بسنده إلى ابن
1 / 78