وكان الرسول يعلم ذلك مما يؤكد أن قول عمار لرسول الله ﷺ إن أصحابك يريدون قتلي هي من الدعابة مع رسول الله ليذهب عنه الغضب.
وقد حاول الصحابة أن يستريح رسول الله ﷺ عن العمل فأبى، يقول أسامة بن زيد: إن رسول الله ﷺ خرج ومعه حجر يحمله على كتفه فلقيه أسيد بن حضير فقال أسيد: يا رسول الله أعطينيه.
فأبى رسول الله ﷺ وقال: "اذهب فاحتمل غيره فإنك لست بأفقر إلى الله مني" ١.
وكان رسول الله ﷺ يكل الأعمال التي تحتاج لخبرة إلى من يملك هذه الخبرة، فلقد جاء طلق بن علي، وهو رجل من بني حنيفة، يحسن عجين الطين، فلما رآه النبي ﷺ قال لأصحابه: "إن هذا الحنفي لصاحب طين، قربوا الحنفي من الطين، فإنه أحسنكم له سبكًا، وأشدكم منكبًا" ٢.
وكانت سعة المسجد حين بناه النبي ﷺ أول مرة سبعين ذراعًا، في ستين أو يزيد، وجعل جدره من خشب، ولم يسطح، فلما اشتكى الصحابة الحر والمطر، جعل ﷺ جدره من الخشب، والسواري من جذوع النخل، وظللوه بالخوص والجذوع، فكان الظل ثم طينوه بالطين فانقطع المطر، وأبقوا وسط المسجد رحبة بلا سقف.
وقبلة المسجد كانت أولا إلى بيت المقدس جهة الشمال، وأسسوا له ثلاثة أبواب في مؤخرته هي:
أ- باب أبي بكر جنوب المسجد وهو الآن جهة القبلة بعدما حولت إلى مكة وصار بعد التوسعة العثمانية جزءا داخل المسجد.
ب- باب عاتكة وهو باب الرحمة ويقع غرب المسجد داخل توسعة الملك فهد.
ج- باب النبي وهو الباب الذي كان يدخل منه النبي ﷺ ويعرف بباب عثمان.