252

Al-Rasūl ﷺ fī ʿuyūn gharbiyya munṣifa

الرسول ﵌ في عيون غربية منصفة

Publisher

دار الكتاب العربى

Edition Number

الأول

Publication Year

١٤١٩

Publisher Location

دمشق

Genres

من مخالفة ذلك التحذير الرهيب.
والتحذير الرهيب هو إحباط العمل الصالح بدون شعور صاحبه أخذا من قوله تعالى:.. أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ.
وأحسن ما قيل فى تأويل هذه الآية ما ذكره ابن المنير- ﵀ حيث يقول:
«والقاعدة المختارة أن إيذاءه ﷺ يبلغ مبلغ الكفر المحبط للعمل باتفاق، فورد النهى عما هو مظنة لأذى النبى ﷺ سواء وجد هذا المعنى أو لا، حماية للذريعة وحسما للمادة.
وهذا على عزار قوله تعالى فى قضية الإفك: ... وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ.
وقوله ﷺ «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقى لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا يهوى بها فى جهنم»، صحيح البخارى.
وقد التزم الصحابة رضوان الله عليهم بهذا الأدب مع رسول الله ﷺ فى عهده كما ورد فى الآثار: منها قول أبى بكر ﷺ لرسول الله ﷺ: «والذى أنزل عليك الكتاب يا رسول الله لا أكلمك إلا كأخى السرار حتى ألقى الله ﷿»، أورده الحاكم فى مستدركه وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه ووافقه الذهبى.
هكذا ارتعشت قلوبهم وارتجفت تحت وقع ذلك النداء الحبيب، وذلك التحذير الرهيب، وهكذا تأدبوا فى حضرة رسول الله ﷺ خشية أن تحبط أعمالهم وهم لا يشعرون وتداركوا أمرهم ولكن هذا المنزلق الخافى عليهم كان أخوف عليهم فخافوه واتقوه: إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (الحجرات: ٣) .

1 / 256