The Problem of Ideas in the Muslim World
مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي
Publisher
دار الفكر المعاصر-بيروت لبنان / دار الفكر
Edition Number
١٤٢٣هـ = ٢٠٠٢م / ط١
Publisher Location
دمشق سورية
Genres
والإنسان حينما ينَظِّم شبكة علاقاته الاجتماعية بوحي الفكرة في انبثاقها، فإنه يتحرك في مسيرته عبر الأشخاص والأشياء المحيطة به فيتخذ العالم الثقافي إطاره في إنجاز هذه المسيرة، ويأخذ طابعه تبعًا للعلاقة بين العناصر الثلاثة المتحركة: الأشياء، الأشخاص، الأفكار.
فهناك توازن لابد منه بين هذه العناصر الثلاثة يسكب مزيجها في قوالب الإنجاز الحضاري، فإذا ما استبدَّ واحد من هذه العناصر وطغى على حساب العنصرين الآخرين فثمة أزمة حقيقيَّة في مسيرة الحضارة تلقي بها خارج التاريخ فريسة طغيان الشيء أو طغيان الشخص.
«ففي بلد متخلف يفرض الشيء طغيانه بسبب ندرته، تنشأ فيه عقد الكبت والميل نحو التكديس الذي يصبح في الإطار الاقتصادي إسرافًا محضًا.
أما في البلد المتقدم وطبقًا لدرجة تقدمه، فإن الشيء يسيطر بسبب وفرته ويُنْتِج نوعًا من الإشباع. إنه يفرض شعورًا لا يُحتمل من الشؤم البادي من رتابة ما يرى حوله، فيولد ميلًا نحو الهروب إلى الأمام الذي يدفع الإنسان المتحضر دائمًا إلى تغيير إطار الحياة و(الموضة»).
لكن طغيان الشخص يؤدي إلى نتائج في الإطار السياسي والاجتماعي تهدم في بنيان الفكرة حينما تتجسد فيه. وكثيرًا ما تعمد مراصدُ الرقابة في حركة العالم الثالث إلى دفع هذا الاتجاه المرضي إلى نهايته في عقول الجماهير لتُحَطِّم الفكرة البَنَّاءة من وراء سقوط الأشخاص الذين يمثلونها في النهاية، وتدفع الجماهير للبحث عن بديل للفكرة الأصيلة من الشرق والغرب عبر بطل جديد.
فعدم التوازن بين العناصر الثلاثة يفضي إلى انهيار المجتمع «والمجتمع الإسلامي يعاني في الوقت الحاضر بصورة خاصة من هذه الاتجاهات، لأن نهضته لم يُخَطَّط لها، ولم يفكر بها بطريقة تأخذ باعتبارها عوامل التبديد والتعويق، فمثقفو
1 / 10