The Phenomenon of Postponement in Islamic Thought

Safar al-Hawali d. Unknown
113

The Phenomenon of Postponement in Islamic Thought

ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي

Publisher

دار الكلمة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

Genres

غير مستقل بالتأثير، ولا يستقل بالتأثير وحده دون توقف تأثيره على غيره إلا الله الواحد القهار". فلا ينبغي أن يرجى ولا يخاف غيره، وهذا برهان قطعي على أن تعلق الرجاء والخوف بغيره باطل، فإنه لو فرض أن ذلك سبب مستقل وحده بالتأثير لكانت سببيته من غيره لا منه، فليس له من نفسه قوة يفعل بها، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله، فهو الذي بيده الحول والقوة كلها، فالحول والقوة التي يرجى لأجلها المخلوق ويخاف إنما هما لله وبيده في الحقيقة، فكيف يخاف ويرى من لا حول له ولا قوة؟ . بل خوف المخلوق ورجاؤه أحد أسباب الحرمان ونزول المكروه بمن يرجوه ويخافه، فإنه على قدر خوفك من غير الله يسلط عليك، وعلى قدر رجائك لغيره يكون الحرمان، وهذا حال الخلق أجمعه وإن ذهب عن أكثرهم علمًا وحالًا. فما شاء الله كان ولا بد، وما لم يشأ لم يكن ولو اتفقت عليه الخليقة " (١) والمتأمل لكتاب الله تعالى ولحال الخليقة يجد أن من أكبر أسباب الشرك ودواعيه توهم المشركين أن غير الله مصدر خير لهم، وأن عبادته سبب لحصول ما ينفعهم ودفع ما يضرهم، وأقل من ذلك من يتخذ من دون الله إلهًا بمعنى أن يجعله قرة عينه وغاية قلبه ومتعلق إرادته. أي إن شرك الدعاء أكثر من شرك المحبة، وذلك لأن حقيقة الافتقار في الأول أظهر وأعم، ولهذا جاء الخطاب به في القرآن أكثر، وأبطل ﷿ أن يكون لغيره نفع أو ضر أو ولاية أو شفاعة أو ملك أو شرك في ملك، أو يكون بيد غيره رحمة أو رزق أو فضل أو شفاء أو موت أو حياة أو نصر أو إغاثة أو كشف كرب. . . إلى آخر ما يفتقر إليه كل مخلوق وتصرف فيه أعمال القلوب، إلا من جعله الله تعالى سببًا لحصول شيء من ذلك. وهذه من أكبر الحقائق التي فصلها القرآن المكي وسد الله بها كل منافذ الشرك وذرائعه ودواعيه.

(١) الفوائد، ص٤٤، وانظر تفصيلًا أوسع في جامع العلوم والحكم لابن رجب شرح حديث ابن عباس: "يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك" وهو التاسع عشر من الأبعين النووية ص١٧٣- ١٨٨

1 / 120