The Phenomenon of Postponement in Islamic Thought

Safar al-Hawali d. Unknown
107

The Phenomenon of Postponement in Islamic Thought

ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي

Publisher

دار الكلمة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

Genres

وهذا أبو الدرداء ﵁ يقول: "يا حبذا نوم الأكياس وفطرهم كيف يغبنون به قيام الحمقى وصومهم" (١) قال ابن القيم ﵀ تعليقًا على هذا: "وهذا من جواهر الكلام وأدله على كمال فقه الصحابة وتقدمهم على من بعدهم في كل خير ﵃". فاعلم أن العبد إنما يقطع منازل السير إلى الله بقلبه وهمته لا ببدنه، والتقوى في الحقيقة تقوى القلوب لا تقوى الجوارح (٢)، قال تعالى: «ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب» وقال النبي ﷺ: "التقوى هاهنا" وأشار إلى صدره. فالكيّس يقطع من المسافة بصحة العزيمة وعلو الهمة وتجريد القصد وصحة النية مع العمل القليل، أضعاف ما يقطعه الفارغ من ذلك مع التعب الكثير والسفر الشاق، فإن العزيمة والمحبة تذهب المشقة وتطيب السير، والتقدم والسبق إلى الله سبحانه إنما هو بالهمم وصدق الرغبة والعزيمة، فيتقدم صاحب الهمة مع سكونه صاحب العمل الكثير بمراحل، فإن ساواه في همته تقدم عليه بعمله. . ." أهـ. وهذا مما يفسر لنا كيف أن الصحابة ﵃ أعظم الناس إيمانًا ويقينًا مع أن فيمن جاء بعدهم من هو أكثر عبادة وسهرًا ومرابطة من كثير منهم، بل ربما كان في الصحابة من هو أكثر قيامًا وصيامًا من الصديق الذي "لو وزن إيمانه بإيمان أهل الأرض لرجح بهم" (٣) . وحسب الصحابة من علو الهمة أن الأنصار لما بايعوا النبي ﷺ ليلة العقبة فاشترط واشترطوا، قالوا: فما لنا يا رسول الله قال: "الجنة" قالوا: ذلك لك". (٤) فانظر إلى هذه الهمة العالية والقوم في أول الطريق، وقارنها بهمة الأحلاس الجفاة من زعماء القبائل الأخرى الذين اشترطوا أن يكون لهم الأمر من بعده.

(١) حلية الأولياء (١/٢١١) (٢) لأن تقوى القلب لابد أن تنتج تقوى الجوارح، والتلازم بينهما لا شك فيه، لكن أعمال القلوب هي الأصل كما سيأتي تفصيله. (٣) كما أخبر بذلك عمر ﵁، أنظر: فضائل الصحابة للإمام أحمد، تحقيق وصي الله بن محمد عباس، ص ٤١٨- ٤١٩ (٤) انظر الروايات في ذلك في الفتح (٧/٢٢٠- ٢٢٣) والسيرة النبوية لابن كثير (٢/١٥٥- ٢٠٨) .

1 / 114