والمتتبع لنصوص الشريعة يجد أن السائد فيها في مثل هذه الحالة هو حمل المطلق على المقيد من هذه النصوص:
ا - قوله ﷾: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِير ...﴾ وقوله سبحانه: ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ...﴾ .
فإنا واجدون أن الدم أطلق في الآية الكريمة الأولى، وقيد بكونه منسوخا في الآية الثانية، والدم سبب الحكم فيكون الإِطلاق والتقييد قد دخل على سبب الحكم، وقد اتفق العلماء على أن المراد بالدم المطلق في الآية الأولى هو الدم المقيد بالسفح في الآية الثانية.
فقد انعقد الإِجماع على حمل المطلق على المقيد هنا١.
٢ - قوله تعالى: ﴿وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ ٢ وقوله سبحانه: ﴿وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِين﴾ ٣. فأولو الأرحام أطلق في الآية الأولى وقيد في الثانية بالإِيمان، وهو سبب الحكم الذي هو الأولوية المقتضية للميراث، فيكون الإِطلاق والتقييد قد دخل على سبب الحكم، وقد حمل المطلق في الأولى على المقيد في الثانية، فقال العلماء أن أولو الأرحام في الأولى هم أولو الأرحام من المؤمنين٤.
٣ - قوله ﷺ: "في خمس من الإِبل شاة " ٥ وقوله ﵊: "في كل سائمة إبل في أربعين، بنت لبون" ٦.
فموضوع الحديثين واحد وهو زكاة الإِبل، وكذلك الحكم وهو الوجوب والسبب وهو العدد الخاص من الإِبل قد أطلق في الحديث الأول، وقيد بالسوم في الثاني. فيكون الإِطلاق.