فإن قوله: "في غير" جار ومجرور متعلق بمحذوف حال مقدم على صاحبه وهو الضمير المستكن في خبر المبتدأ المقدم الذي هو قوله: "بالتا" و"المرَّه" مبتدأ مؤخر. والتقدير: والمرة كائنة بالتاء حال كونها كائنة في غير الفعل صاحب الأحرف الثلاثة، فقدم الحال على عاملها المضمن معنى الفعل دون حروفه١.
قال الأزهري: وهو نادر٢.
فهذه الصورة منعها جمهور النحاة، فلا يقال عندهم: قائمًا زيدٌ في الدار، ولا قائمًا في الدار زيدٌ؛ نظرًا إلى ضعف الظروف في العمل٣.
على أن أبا بكر بن طاهر٤ (٥٨٠هـ) قد ذكَر أنه ليس ثمت خلاف في امتناع: قائمًا زيدٌ في الدار٥، وتبعه ابن مالك٦.
ولكن الصحيح خلاف ذلك؛ فإن أبا الحسن الأخفش قد أجاز في قولهم:
"فداءً لك أبي وأمي" أن يكون "فداءً" حالًا، والعامل فيه "لك". وهو نظير: قائمًا في الدار زيدٌ٧.
أما الصورة التي وعدت قريبًا بذكرها فهي أن تتوسط الحال بين المخبر عنه، والخبر، وتلك لا تخلو من أن تكون متوسطة بين الخبر المقدم، والمبتدأ المؤخر نحو: عندك قائمًا زيد، وفي الدار مقيمًا عمرو. وهذه لا خلاف في جوازها٨.