216

Al-ʿazf ʿalā anwār al-dhikr

العزف على أنوار الذكر

Genres

، وإن لم يفهم ما فيه إن كان أعجميًا، لأنَّ في الصورة الصوتية لبيانه ما يدلّ دلالة قطعية على أنّه ليس من كلام البشر، وأنّ ما فيه من تلك القيم الصوتية جرسًا وإيقاعًا، وما يتحقق فيه من التناغي والتناغم لا يمكن أن يأتي في كلام أحد من البشر، وإن كان نبيا رسولا على نحو ما سبق أن نقلته لك من كلام " جان جاك روسو" (١)
القرآن الكريم في العهد المكيّ إذن طابق بين مكونات صورة المعنى ومقتضيات السياق والأغراض التي يساق لها الكلام، وطبيعة القوم النازل فيهم القرآن الكريم في ذلك العهد، فجعل للجرس والإيقاع مكانًا عليًّا في تكوين صورة المعنى وتشكليه فيما تنزل من القرآن في ذلك العهد المكيّ. (٢)
***
. بيان الجرس والإيقاع.

(١) - من الأدلة القوية القريبة الباهرة القاهرة على أنَّ للقرآن الكريم إيقاعه الذي لايمكن أن تجده في غيره من الكلام، وإن كان كلام نبيّ مرسل أن تعمد إلى أي بيان غير القرآن الكريم، وتطلب ممن تراه الإمام في أصول التغنيّ بالبيان القرآني أن يتغنى بذلك البيان غير القرآني على أصول التغني بالبيان القرآنيّ، وإن كان حديثًا نبويًا بل، وإن كان حديثًا قدسيًّا، فإنَّه لا محالة عاجز عن أن يفعل، وإن حمل على نفسه وقسرها على أن تتكلف بان عواره وشناره، وبدا منه ما يضحك.
(٢) - لعلّ هذا ممَّا يمكن أن يسترشد به في ترجيح القول بمكية آية أو مدنيتها حين يتفارب المنقول عن أهل العلم، فإذا ما غلب عنصر التصويت والتوقيع على صورة المعنى، مضافًا إلى طبيعة المضمون وعلاقته بما كان القصد الأعظم للتنزل في العهد المكيّ، فالأقرب القول بمكية التنزيل.

1 / 216