The Messengers and the Messages
الرسل والرسالات
Publisher
مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع،الكويت،دار النفائس للنشر والتوزيع
Edition Number
الرابعة
Publication Year
١٤١٠ هـ - ١٩٨٩ م
Publisher Location
الكويت
Genres
عصمة الرسول ﷺ من القتل:
عصم الله رسوله ﷺ من القتل حتى يبلغ رسالة ربه، قال تعالى: (يا أيُّها الرَّسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لَّم تفعل فما بلَّغت رسالته والله يعصمك من الناس) [المائدة: ٦٧]، قال سفيان الثوري فيما نقله عنه ابن كثير في تفسير هذه الآية: " بلغ أنت رسالتي، وأنا حافظك، وناصرك ومؤيدك على أعدائك، ومظفرك بهم، فلا تخف ولا تحزن، فلن يصل أحد منهم إليك بسوء يؤذيك " (١) . وقد أورد ابن كثير في تفسيره هذه الآية الأحاديث التي تفيد أنّ الصحابة كانوا يحرسون الرسول ﷺ قبل نزول هذه الآية، فلما نزلت ترك رسول الله ﷺ الحرس (٢) .
وقد جعل اليهود في شاة مصلية أهدتها يهودية لرسول الله ﷺ سمًّا لتقتله، فلما سألهم عما حملهم على ذلك قالوا: " أردنا إن كنت كاذبًا نستريح منك، وإن كنت صادقًا لم يضرك " رواه البخاري (٣) .
ولما سأل المرأة قالت: " أردت قتلك " فقال: ما كان الله ليسلطك على ذلك " رواه البخاري ومسلم وأبو داود (٤) .
فقد عصم الله رسوله أن يقتله السم، وأكل معه بعض أصحابه فماتوا كما أفادته بعض الأحاديث التي روت الواقعة.
عصمة الرسول ﷺ من الشيطان:
وعصم الله رسوله ﷺ من الشيطان، وقد أعان الله رسوله على قرينه الشيطان فأسلم، فلا يأمره إلا بخير، ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: " ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن، قالوا: وإياك؟ قال: وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير " (٥) وفي حديث عائشة أنه سمى القرين شيطانًا (٦) .
المبحث الثاني
عدم العصمة من الأعراض البشريّة كالخوف والنسيان
الأعراض البشرية كالخوف والغضب والنسيان تقع من الرسل والأنبياء، وهي لا تنافي عصمتهم والأمثلة على ذلك في الكتاب والسنة كثيرة، فمن ذلك:
١- خوف إبراهيم ﵇ من ضيوفه:
أوجس إبراهيم ﵇ في نفسه خيفة عندما رأى أيدي ضيوفه لا تمتد إلى الطعام الذي قدمه لهم، ولم يكن يعلم أنّهم ملائكة تشكلوا في صور البشر (فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ) [هود: ٧٠] .
٢- عدم صبر موسى ﵇ على تصرفات العبد الصالح:
وموسى وعد الخضر بأن يصبر في صحبته له، فلا يسأله عن أمر يفعله العبد الصالح حتى يحدث له منه ذكرًا، ولكنه لم يتمالك نفسه، إذ رأى تصرفات غريبة، فكان في كل مرّة يسأل أو يعترض أو يوجه (٧)، وفي كل مرّة يذكّره العبد الصالح ويقول له: (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا) [الكهف: ٧٥] . وعندما كشف له عن سر أفعاله قال له: (ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا) [الكهف: ٨٢] .
٣- تصرفات موسى ﵇ عندما رأى قومه يعبدون العجل:
وغضب موسى غضبًا شديدًا، وأخذ برأس أخيه يجره إليه، وألقى الألواح وفي نسختها هدى - عندما عاد إلى قومه بعد أن تمّ ميقات ربه، فوجدهم يعبدون العجل، (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي
_________
(١) تفسير ابن كثير: ٣/١٢٠٥.
(٢) المصدر السابق: ٣/١٢٠٦.
(٣) جامع الأصول: ١١/٣٢٦. ورقمه فيه: ١٨٨٦.
(٤) جامع الأصول: ١١/٣٢٧، ورقمه فيه: ٣٢٧.
(٥) صحيح مسلم: (٢٨١٤) .
(٦) صحيح مسلم: (٢٨١٥) .
(٧) كانت المرة الأولى من موسى نسيانًا، أمّا الثانية والثالثة فكان متعمدًا.
1 / 99