308

Al-rasūl al-qāʾid

الرسول القائد

Publisher

دار الفكر

Edition Number

السادسة

Publication Year

١٤٢٢ هـ

Publisher Location

بيروت

Genres

زد على ذلك أن (السلام) في الاسلام دين، أمر الله به في محكم كتابه:
(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) «١» ...
٧- الوفاء:
التاريخ العسكري طافح بأعمال الظلم والانتقام التي قام بها المنتصرون، ويندر أن نجد في التاريخ كله وفاء يشابه وفاء الرسول ﷺ، بل لا نجد مثيلا في التاريخ كله لهذا الوفاء.
رأى الأنصار دخول الرسول ﷺ بلده الحبيب بعد فراق طال أمده، وشاهدوا التفاف قومه وأهله حوله، فقال بعضهم لبعض: (أترون رسول الله ﷺ إذ فتح الله عليه أرضه وبلده، يقيم بها)؟ ولكنّ محمدا ﷺ ما لبث أن سألهم: (ما قالوا)؟ فلما أباحوا له بما يخالج نفوسهم بعد تردد، قال:
(معاذ الله! المحيا محياكم والممات مماتكم) . وقد كان من حقه أن يستقر بمكة وفيها أهله وقومه، وفيها بيت الله الحرام، ولكنّ وفاءه أبى عليه أن ينسى أصدقاء الشدّة في وقت الرخاء.
ورأى عليّ بن أبي طالب ﵁ مفتاح الكعبة بيد الرسول ﷺ، فقال له: (يا رسول الله! اجمع لنا الحجابة مع السقاية) .
قال الرسول ﷺ: (أين عثمان بن طلحة)؟ فلما جاء عثمان قال له: (يا ابن طلحة! هاك مفتاحك، اليوم يوم بر ووفاء) .
أما وفاؤه بعهوده وحرصه الشديد على التمسّك بها، فحديث معاد.
تلك أمثلة من وفاء الرسول ﷺ، حتى قال أعداؤه عنه قبل أصدقائه:
(إنه أوصل الناس وأحلمهم وأكرمهم وأوفاهم) .

(١) - الآية الكريمة من سورة الأنفال ٨: ٦١.

1 / 355