ومن ثم كانت عادة الرسول ﷺ أن يكرر عليهم ما كان يعظ به وينصح (١) .
ومما يؤكد هذا الأسلوب الفعال أن خطبة الصفا جاءت بأكثر من رواية، وهذا يعني أنها كررت في أوقات متعاقبة لاعتبارات ترتبط بالظرف الاتصالي جملة، فالتكرار المتنوع على هذه الصورة هو جوهر الفاعلية المطلوبة لكل رسالة إعلامية.
١١ - المسؤولية الإعلامية ودرجاتها: هذه الدلالة يؤكدها الانتقال من الإنذار العام إلى إنذار عشيرة الرسول ﷺ وذوي قرباه وكان من الممكن الاكتفاء بعموم الأمر الأول في قول الله تعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الحجر: ٩٤] (٢) فما الحكمة من خصوصية الأمر بإنذار العشيرة؟
الحقيقة أن في هذا الانتقال إلماحا إلى درجات المسؤولية التي تقع على عاتق رجل الاتصال في الإعلام الإسلامي.
فأدنى درجات المسؤولية هي المسؤولية الشخصية وهي مسؤولية الرسول ﷺ عن نفسه، وإعدادها لهذا العمل العظيم، ومن أجل ذلك استمرت فترة ابتداء الوحي تلك المدة الطويلة، ريثما يطمئن الرسول ﷺ إلى أنه نبي مرسل، وأن ما ينزل عليه هو وحي من الله ﷿، فيؤمن أولا ويوطن ذاته على حمل حقائق الإسلام وقيمه للناس، فالعلم النافع قاعدة العمل الصالح، قال الله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ [محمد: ١٩] (٣) .
ومن هنا فإن رجل الاتصال الحر لا بد أن يكون على علم بما يقدمه