على المستوى الدولي منذ أيام الدعوة الأولى في عهدها المكي، فخرج إلى الحبشة أناس لم يكونوا من المستضعفين الفارين بدينهم من أمثال جعفر بن عبد المطلب، وعثمان بن عفان ﵃، وإنما خرجوا للدعوة وللاتصال بالناس خارج الجزيرة العربية، وقد أثمر هذا الاتصال فأسلم نجاشي الحبشة، وجاء وفد الحبشة إلى مكة وهم قرابة عشرين رجلا، فلما فرغوا من مسألة الرسول ﷺ عما أرادوا دعاهم إلى الإسلام، وتلا عليهم القرآن، فلما سمعوا القرآن فاضت أعينهم من الدمع، ثم استجابوا لله وآمنوا به وصدقوه، فلما قاموا اعترضهم أبو جهل في نفر من قريش، فقالوا لهم: خيبكم الله من ركب، بعثكم من وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل، فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتموه فيما قال، ما نعلم ركبا أحمق منكم، فقالوا سلام عليكم لا نجاهلكم، لنا ما نحن عليه ولكم ما أنتم عليه (١) فأنزل الله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [القصص: ٥٢] (٢) إلى قوله: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ [القصص: ٥٥] (٣) وفي خطبة حجة الوداع أسقط الرسول ﷺ النظام الإعلامي الجاهلي، وأحل مكانه النظام الإعلامي الإسلامي، الذي هو كما بين سابقا جزء من النظام العام في المجتمع الإسلامي، وعندما سار الرسول ﷺ لإزاحة النظام الجاهلي الروماني المهيمن على العالم في ذلك الوقت، بين الرسول في غزوة تبوك لجيشه الذي تجمع من جزيرة العرب المسلمة لأول مرة لحرب الروم، وكسر قيد النظام الجاهلي الروماني وهيمنته