The Literary Image: History and Criticism
الصورة الأدبية تاريخ ونقد
Publisher
دار إحياء الكتب العربية
Edition Number
-
Genres
وإذا كانت طريقة الشاعر غير هذه الطريقة، وكانت عبارته مقصرة عنها، ولسانه غير مدرك لما يعتمد دقيق المعاني من فلسفة اليونان، وحكمة الهند، أو أدب الفرس، ويكون أكثر مما يورده منها بألفاظ متعسفة ونسج، مضطرب، قلنا له: قد جئت بحكمة وفلسفة، ومعان لطيفة حسنة، فإن شئت دعوناك حكيمًا، أو سميناك فيلسوفًا، ولكن لا نسميك شاعرًا، ولا ندعوك بليغًا"١.
ويلتقي الآمدى مع القاضي في النص السابق، في أن جلال الصورة وجمالها لا يرتبط بفخامة اللفظ، ومهارة الصنعة، وكثرة ألوان البيان والبديع.
ثانيًا:
يدرك الآمدى الجمال في اللغة، وسحره في الصورة، فيجعل اللغة غاية في ذاتها ولو مجردة عن حكمة أو فلسفة، فهي كفيلة في ذاتها بالروعة والجمال؛ لأن الغرض منها إصابة المعنى، وإدراك الهدف، لا أن يحمل الشاعر لغته ما لا تطيق وهو متأثر في هذا بقول البحتري:
والشعر لمح تكفي إشارته ... وليس بالهذر طولت خطبه
يقول الآمدي: "وإن اتفق له معنى لطيف، زاد في بهاء الكلام، وإن لم يتفق فقد قام الكلام بنفسه واستغنى عما سواه"٢.
ويرى د. مندور أن الآمدى اهتدى بهذا إلى أن اللغة ليست وسيلة، ولكنها غاية؛ لأنها تتضمن عناصر التصوير والموسيقى: "ويكون من حسن الذوق، وسلامة الحس بحيث يقيم النسب الدقيق بين اللغة كوسيلة، واللغة كفاية في
_________
١ الموازنة: للآمدى ص١٧٣ وما بعدها.
٢ المرجع السابق: الآمدى.
1 / 31