The Literary Image: History and Criticism
الصورة الأدبية تاريخ ونقد
Publisher
دار إحياء الكتب العربية
Edition Number
-
Genres
معالم الصورة عنده زادت وضوحًا أكثر من القاضي، كما سيظهر من خلال اهتمامه باللفظ والمعنى "أي النظم" والصورة التي تقوم عليها معًا، وسنعرض اتجاهه على النحو التالي:
أولًا: رجح الآمدى البحتري على أبي تمام في شعره، وذكر أدلة قوية تؤيد اتجاهه حيث فرق فيها بين العلم والشعر، فلكل منهما طابعه وخصائصه فالشعر عنده غير العلم، والعلم حكمة وفلسفة، والشاعر مصور، وليس حكيمًا أو فيلسوفًا، والصورة الأدبية تكون من اللفظ والمعنى، في حسن تأن، وقرب مأخذ، واختيار الموضع المناسب لكل لفظ، الذي يطابق المعنى في الاستعمال المعتاد، من غير كلفة ولا صنعة، مع اللياقة في الاستعارة والتمثيل للمعنى، حتى لا يقع بينهما تنافر، وبذلك يكتسي النظم رونقًا وبهاء، وهذا هو الأصل في بلاغة الصورة، من إصابة المعنى بألفاظ سهلة بعيدة عن التكلف. لا تزيد عن الغرض، فإن اتفق للنظم معنى لطيف، زاد من روعته، وإلا -فالصورة غنية في نفسها ودلالتها يقول: وليس الشعر عند أهل العلم به، إلا حسن التأتي، وقرب المأخذ، واختيار الكلام، ووضع الألفاظ في مواضعها، وأن يورد المعنى باللفظ المعتاد فيه المستعمل في مثله وأن تكون الاستعارات والتمثيلات لائقة بما استعيرت له، وغير منافرة لمعناه، فإن الكلام لا يكتسى بالبهاء والرونق، إلا إذا كان بهذا الوصف، وتلك طريقة البحتري، والبلاغة إنما هي إصابة المعنى، وإدراك الغرض، بألفاظ سهلة عذبة، مستعملة سليمة من التكلف لا تبلغ الهذر الزائد على قدر الحاجة. فإن اتفق مع هذا معنى لطيف، أو حكمة غريبة، أو أدب حسن، فذلك زائد في بهاء الكلام، وإن لم يتفق، فقد قام الكلام بنفسه واستغنى عما سواه. قالوا:
1 / 30