The Iraqi's Supplement to the Lessons
ذيل العراقي على العبر
Publisher
دار الذخائر
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م
Genres
الذيل على ذيل العبر
1 / 1
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م
رقم الايداع
١٩٤٨/ ٢٠١٩
دار الذخائر
إحياء لتراث أمة
٣٣ شارع الإمام محمد عبده خلف الجامع الأزهر
1 / 2
الذيل على ذيل العبر
تأليف
الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي
(ت ٨٠٦ هـ)
يطبع لأول مرة
ويليه
تذييل الذيل
تأليف
نسيم الدين عبد الغني [بن] عبد الواحد المرشدي
(ت ٨٣٣ هـ)
قرأه وعلق عليه
أحمد عبد الستار
دار الذخائر
إحياء لتراث أمة
1 / 3
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 4
مقدمة التحقيق
الحمد لله حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على نبيه محمد آخر الأنبياء والمرسلين.
وبعد، فهذان درتان مكنونتان مدخرتان ظلتا مجهولتين طيلة سنين، ثم منَّ الله على الفقير فأتاحهما له، فنفض عنهما غبارهما، وجلَّاهما لقرائهما.
فأولهما، «ذيل العبر»، للحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت ٨٠٦ هـ)، والذي عدَّه البعض مفقودًا (^١) إلى وقت قريب، رغم أنه معروف مشهور بين علماء عصره، نهل منه واغترف كثيرون ممن جاؤوا بعده، خاصة مما تشاركوا في مادته العلمية، أو فترته التاريخية.
وثانيهما، «ذيلٌ» عليه، لنسيم الدين عبد الغني بن عبد الواحد بن إبراهيم المرشدي (ت ٨٣٣ هـ)، يشترك مع «ذيل» الحافظ ولي الدين أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت ٨٢٦ هـ).
وكلا الذيلين يستكملان حلقة من حلقات كتاب «العبر»، للذهبي، إذ ذيَّل عليه مؤلفه من سنة ٧٠٠ هـ وحتى سنة ٧٤٠ هـ، وعليه ذيلان ابتدءا من البداية نفسها، وأعني سنة ٧٤١ هـ، وهما «ذيل» الحافظ شمس الدين محمد
_________
(^١) أغفل الدكتور بشار عواد الحديث عنه، في حين أشار إلى ذيل ولده عليه، بقوله: حقَّقه تلميذي الدكتور صالح مهدي عباس صالح، ونشرته مؤسسة الرسالة سنة ١٩٨٩ م، وذكر الدكتور محمود الأرناؤوط فقده، فقال: ليس هذا الذيل بين أيدينا. صلة التكملة لوفيات النقلة، ص ٢٢؛ وشذرات الذهب ٨: ٢٤١.
1 / 5
ابن علي الحسيني (ت ٧٦٥ هـ)، و«ذيل» الحافظ العراقي الأب، انتهى ثانيهما سنة ٧٦٣ هـ، وتأخر أولهما [*] إلى سنة ٧٦٤ هـ.
وذيَّل على «ذيل» الحافظ العراقي الأب، مذيِّلان: أولهما الحافظ العراقي الابن، ابتدأ «ذيله» من سنة مولده سنة ٧٦٢ هـ، فاتفق مع أبيه في ذكر وفيات سنتين، ثم أكمله حتى انتهى به إلى سنة ٧٨٦ هـ.
وثانيهما «ذيل» المرشدي، وابتدأه من سنة ٧٦٤ هـ، وسقط منه وفيات سنة ٧٧٥ هـ، إذ لم يعَنوِن لها، وإنما ذكر وفاة محيي الدين القرشي الحنفي في نهاية وفيات سنة ٧٧٤ هـ، وقد شك هل هو ممن توفي في هذه السنة أو في التي بعدها، ووصلنا من هذا الذيل إلى وفيات سنة ٧٧٨ هـ، ولعله توقف عندها، أو أكمله إلى بعد ذلك، فليس بين يديَّ ما يُدعم أيِّ الظنين.
موضوع الكتاب، ومنهجه
سبق وأن أشرنا إلى أن مادة الكتاب الذي بأيدينا هي مجموعة من التراجم من سنة ٧٤١ هـ، وحتى سنة ٧٧٨ هـ، بالجمع بين الذيلين معًا، مرتبة على السنوات.
ويكاد يتفق المؤلفان في منهجهما في التأليف، متبعين منهج سابقهما، وهو مؤلف الكتاب الأصل، والتي دارت حول فَلَكه هذه النجوم.
فهما يذكران لقب المُترْجم له، وعادة ما يسبقه كلمة: «وفيها»، وقد يحددان تأريخ وفاة صاحب الترجمة إن علماه، أو يؤخران هذا التاريخ بعد الاسم، ثم
_________
[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: بالمطبوع «ثانيهما»
1 / 6
يذكران الاسم كاملًا، ثم شيوخه وما سمعه منهم، وأحيانًا يحددان مسموعه على شيوخه، وإن كان التلميذ لم يتم سماع الكتاب المذكور، حددا قدر سماعه، وقدر الفوت، ثم يذكران تلاميذه، وما سمعوه عليه، وإن كان صاحب مصنفات، يحددان عددها.
ونلاحظ أن هذا المنهج كان مُخْتَطًّا قبل الذهبي، وعليه صار هو ومن تبعه من بعده، وهو منهجٌ اتَّبعه أكثر المؤرخين، خاصة الحوليين منهم.
جمع الكتاب بين دفَّتيه تراجم لطوائف مختلفة للمجتمع، ففيه تراجم العلماء، والحُفَّاظ - وهم الكُثر منهم، والقضاة، والملوك، والأمراء، ورجال السياسة.
ومما يُلاحظ ذلك التقارب - وإن لم يكن التطابق - بين «ذيل العبر» الحالي وبين «الوفيات»، وكلاهما للعراقي، وإن زادت «الوفيات» بعض التراجم ممَّن تُوُفِّيَ أصحابها خلال الفترة التاريخية التي تصدَّى لها المصنف هنا (^١).
أهمية الكتاب وأثره في المؤلفات اللاحقة به
إن المُطَّلع على «ذيل العراقي» يتبين له مدى استيعاب صاحبه كمًّا وكيفًا لوفيات الفترة التاريخية التي تصدَّى لها، كما تُعدُّ مادته المادة الأساسية لعدد من المصنفات التي تلته واعتمدت عليه.
_________
(^١) نحو ترجمة إبراهيم بن محمد بن عبد الصمد التزمنتي، المُتَوَفَّى سنة ٧٤٢ هـ، وأحمد بن محمد بن إبراهيم الببائي، المُتَوفَّى سنة ٧٤٨ هـ، فقد ترجمهما في الوفيات، وأغفلهما في ذيل العبر.
1 / 7
فعلى الرغم من الاتفاق الزمني بين المصنفين (٧٤١ - ٧٦٣ هـ)، إلا أن عدد تراجم «ذيل العراقي» قد زادت - إن لم يكن تضاعفت - عن عدد تراجم «ذيل الحسيني»، فقد بلغت تراجم الحسيني ٢٦٥ (مئتين وخمس وستين) ترجمة، في حين بلغت عدد تراجم «ذيل العراقي» الأب (أربع مئة وواحدة وخمسين) ٤٥١ ترجمة، أي أنه زاد عليه عدد ١٨٦ (مئة ست وثمانين) ترجمة، منها ٩٩ (تسع وتسعون) ترجمة في سنة ٧٤٩ هـ، وهي أكثر السنوات إيرادًا للوفيات؛ نظرًا لوقوع الطاعة فيها؛ لذا فقد اتخذناها مقياسا في عقد المقارنات بين «ذيل العراقي» وسابقيه ولاحقيه.
ورغم تفوق عدد تراجم «ذيل العراقي» الابن على «ذيل المرشدي»، والتي بلغت عدد تراجمه ٢٢٠ (مئتين وعشرين) ترجمة فقط، إلا أن «ذيل المرشدي» ورد فيه تراجم لم ترد عند العراقي الابن في «ذيله» بلغت (سبعًا وعشرين) ٢٧ ترجمة، أي أن الجديد لديه يكاد يقترب من ٨% ممَّا قدمه.
والمطَّلع على المصنفَّات التالية على «ذيل العراقي» خاصة يبصر مدى استعانة لاحقيه به واعتمادهم عليه، فاتَّقي الفاسي مثلًا بنى كتابه «إيضاح بغية أهل البصارة» على مادة هذا الذيل، فإذا بلغت تراجم «ذيل العراقي» (٤٥١ أربع مئة وواحدة وخمسين) ترجمة، فقد ضمَّنها التقي الفاسي في كتابه، وأضاف إليها «ذيل ابن أيبك» المفقود - وهو يتناول نفس الفترة التاريخية
1 / 8
أيضًا، فبلغت عدد تراجم «الإيضاح» حتى سنة ٧٦٣ هـ - وهي السنة التي انتهى بها «ذيل العراقي» - ٧٢٩ (سبع مئة واثنتين وعشرين) ترجمة.
لقد صرَّح التَّقي الفاسي بالنقل عن الزين العراقي في ٦٢ (اثنين وستين) موضعًا من كتابه، منها ٢٧ (سبعٌ وعشرون) موضعًا في سنة ٧٤٩ هـ - مما يؤكد مدى التلاقح بين الكتابين، بل إن هناك عددًا من التراجم انفرد بإيرادها الحافظ العراقي ضمن وفيات هذه السنة تحديدًا، ونقلها عنه أغلب من جاء بعد - ومنهم بالطبع التقي الفاسي، نحو تراجم أرقام: ١٣٩ (زين الدين محمد بن محمد الحارث الزهري)، ١٤٠ (برهان الدين إبراهيم بن علي بن هبة الله بن غالي الدمنهوري الشاذلي)، ١٤٣ (تقي الدين محمد بن الببائي، ابن قاضي ببا)، ١٤٤ (سعد الدين مسعود ابن الميموني الشافعي)، ١٤٥ (جمال الدين الإهناسي)، ١٤٧ (الفقيه سديد الدين الأقفاسي)، ١٥١ (شمس الدين محمد ابن صديق بن عفيف الجياني)، ١٥٢ (علاء الدين أحمد بن عبد المؤمن السبكي)، ١٥٧ (جلال الدين يوسف بن عمر بن عوسجة العباسي)، ١٦١ (جمال الدين الملطي)، ١٦٢ (صدر الدين الكاشاني)، ١٩١ (نور الدين علي بن شبيب الحنبلي)، ١٩٥ (عز الدين الحراني)، وغير ذلك الكثير.
1 / 9
بل إن هناك عددًا من التراجم انفرد بها الحافظ العراقي في «ذيله»، وانفرد بنقلها عنه التقي الفاسي أيضًا، نحو تراجم أرقام: ١٦٤ (شرف الدين ابن بنت أبي سعد الغالبي)، ١٦٦ (تقي الدين محمد بن علاء الدين الجوجري)، ١٧٩ (صائن الدين أبو بكر بن يوسف بن أحمد بن عبد الدايم)، ١٨٩ (شهاب الدين أحمد بن سلك الحنفي)، ٢٥٣ (شمس الدين محمد بن الطحان)، ٢٥٤ (شهاب الدين أحمد بن الرقام)، ٢٥٥ (شمس الدين محمد بن البكتمري)، ٢٥٦ (الشيخ محمد القصَّار)، ٢٥٧ (الشيخ محمد الفيومي)، ٢٥٩ (الشيخ محمد الزركشي الشافعي، وقد نوع في النقل عنه)؛ إذ ينقل عنه الترجمة بتمامها أحيانًا، وأحيانًا ينقلها بالمعنى مشيرًا إلى ذلك بقوله: «ذكره بمعنى هذا شيخنا العراقي».
كما أن هناك عددًا آخر انفرد به، وأغفلته المصادر الأخرى، واحتفظ به الحافظ ابن فهد في لحظ الألحاظ، نحو تراجم أرقام: ٢٠٢ (زين الدين محمد بن أحمد بن ظهير القليوبي)، ٢٣٠ (مجد الدين إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الجزري)، ٢٤٤ (شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن العطار).
إضافة إلى ذلك فقد انفرد الحافظ العراقي بذكر تراجم لم تُذكر لدى غيره من المصادر المعاصرة له، أو حتى اللاحقة عليه، خاصة تلك التي أكثرت
1 / 10
من النقل عنه، نحو ترجمة رقم ٢٣٤ (إبراهيم بن إدريس بن يحيى المارديني).
ويعد ابن قاضي شهبة في «تاريخه» ثاني مصدر أكثر من النقل عن الحافظ العراقي بعد التقي الفاسي في «إيضاحه»، واعتمد ابن قاضي شهبة في «تاريخه» على كتابَيْ العراقي: «الوفيات»، و«ذيل العبر»، موضحًا مصدره الذي ينقل عنه، فإنْ نقل عن «ذيل العبر» قال: «وقال الحافظ زين الدين العراقي»، وإنْ نقل عن «الوفيات» قال: «ذكره الشيخ زين الدين العراقي في وفياته»، وقد نقل عنه في سنة ٧٤٩ هـ وحدها حوالي (تسع وأربعين) ٤٩ ترجمة.
كما كان «ذيل العراقي» أحد مصادر ابن حجر التي اعتمد عليها في تحرير مادة كتابه «الدرر الكامنة»، وقد صرَّح بذلك في مقدمته، فقال: «فهذا تعليق مفيد جمعتُ فيه تراجم من كان في المئة الثامنة من الهجرة النبوية من ابتداء سنة إحدى وسبع مئة إلى آخر سنة ثمان مئة من ...»، ثم عدَّ من مصادره: «... والذيل عليه، لشيخنا الحافظ أبي الفضل بن الحسين العراقي»، فأكثر التراجم الواردة في هذا الذيل من مصادر ترجمتها الرئيسة «درر» ابن حجر، بل إنه انفرد عنه بذكر تراجم لم ترد إلا في «ذيل العبر»، للحافظ العراقي الأب، نحو تراجم أرقام: ٤٠٥ (محمد بن أبي بكر بن محمد، المعروف بابن
1 / 11
الدماميني)، ٤٠٦ (نور الدين علي بن محمد بن عبد الله السكندري المقدسي)، ٤٢٠ (شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الرحمن المناوي)، ٤٢١ (شرف الدين يعقوب بن الحسين بن علي الإسنائي)، ٤٢٥ (زين الدين فرج بن طوغان)، ٤٣٩ (أبو بكر بن علي بن يوسف الكردي).
مؤلِّفا الذيلين
صاحب الذيل الأول، هو الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت ٨٠٦ هـ) (^١)، وقد أفاض في ترجمته القدماء والمحدثون، وقد عرضت لذلك تفصيلًا في مقدمة تحقيقي لكتاب «الوفيات»، له (^٢)، غير أني سأحاول أن أعرض له من خلال ذيله الذي كتبه.
ذكرنا أن أغلب التراجم المذكورة من العلماء، خاصة ممن عنوا بعلم الحديث منهم، وأكثر هؤلاء ممَّن تتلمذ عليهم المصنِّف مباشرة، وأخذ عنهم قسطًا من علومهم، ومصنفاتهم.
_________
(^١) ترجمته في: ذيل التقييد ٣: ٩ - ١٣؛ وغاية النهاية في طبقات القراء ١: ٣٨٢؛ والدر المنتخب في تكملة تاريخ حلب ١: ٦٣٣ - ٦٤٠؛ ودرر العقود الفريدة ٢: ٢٣٤ - ٢٣٧؛ وتاريخ ابن قاضي شهبة ٤: ٣٧٩ - ٣٨٢؛ والمجمع المؤسس ٢: ١٧٦ - ٢٣٠؛ وذيل الدرر الكامنة، ص ١٤٣ - ١٤٥؛ ولحظ الألحاظ، ص ٢٢٠ - ٢٣٤؛ والضوء اللامع ٤: ١٧١ - ١٧٨.
(^٢) الوفيات، لزين الدين العراقي، مقدمة التحقيق، ص ٢٩ - ٤٧.
1 / 12
ولست هنا بصدد إعداد قائمة بشيوخه، خاصة وقد أشرت سابقًا في مقدمة تحقيقي لكتاب «الوفيات»، أني أعمل على جمع معجم شيوخه مفردًا، لكنه استوقفني بعض أمور، منها:
••إغفاله لتراجم عدد من الشخصيات المهمة في عصره، حتى أنه أغفل ترجمة بعض شيوخه ممَّن تُوُفُّوا خلال الفترة الزمنية التي تصدَّى لها، وكان الأولى به ترجمته لهم، مثل: شيخه المُسْنِد المُكثِر المعمَّر تقي الدين عبد الله بن محمد بن إبراهيم، المعروف بابن قيِّم الضيائية، المُتَوَفَّى سنة ٧٦١ هـ، وهو ممَّن على شرطه، رغم أنه أكثر عنه كما قال ابن حجر (^١)، حتى أن ابن حجر سمع على الحافظ زين الدين اثنين وعشرين كتابًا بسماعه من ابن قيِّم الضيائية المذكور (^٢).
••التنوع المعلوماتي بين كتابيه، إذ اختلفت بعض المعلومات الواردة لبعض التراجم بين الكتابين زيادة ونقصًا، مثل ترجمته في «الذيل» لشيخه جمال الدين إبراهيم بن محمود بن سليمان الحلبي، المُتَوَفَّى سنة ٧٦٠ هـ لم يذكُر تلمذته له، ولا مسموعه عليه، في حين أنه صرَّح بذلك في ترجمته له في «الوفيات» (^٣) وذكر سماعه عليه أجزاء بحلب بقراءته عليه.
_________
(^١) الدرر الكامنة ٢: ٢٨٣.
(^٢) المجمع المؤسس ٢: ١٨٩، ١٩٣، ١٩٥؛ والحافظ العراقي، لأحمد معبد، ص ٣٥٨.
(^٣) الوفيات، لزين الدين العراقي، ص ٤١٨.
1 / 13
ونحو ترجمة أحمد بن كُشْتُغْدي بن عبد الله المُعزِّي الصيرفي، المُتوَفَّى سنة ٧٤٤ هـ، فهو من طبقة شيوخ شيوخه، وقد أخذ عنه بواسطة شيوخه، فحين ترجمه في «الوفيات» ذكر من شيوخه الوسطاء بينهما: جمال الدين الأميوطي، وعبد الرحمن بن أحمد، المعروف بابن الشيخة، وغازي الحلاوي، وعبد الوهاب ابن أحمد الإخنائي، في حين أنه لم يذكر شيئًا من هذا في ترجمته في «الذيل».
أما صاحب «الذيل الثاني»، فهو نسيم الدين عبد الغني (^١) بن عبد الواحد بن إبراهيم المرشدي المكي.
ولد سنة ٨٠٤ هـ بمكة المشرفة، وحفظ القرآن الكريم كبقية أقرانه، وأكثر من السماع وحضور دروس العلم.
فأحضره أبوه في السنة الأولى من عمره على أحمد بن محمد بن عثمان الخليلي (ت ٨٠٥ هـ)، فسمه منه «مجلس البطاقة».
وفي هذه السنة - أعني سنة ٨٠٥ هـ - كانت أولى إجازاته، فأجازه فيها وما بعدها الحافظان: زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت ٨٠٦ هـ)، صاحب الذيل الأول، ونور الدين الهيثمي (ت ٨٠٧ هـ).
_________
(^١) ترجمته في: إنباء الغمر ٣: ٤٤٧؛ وعنوان الزمان ٣: ١١٨؛ والدر الكمين بذيل العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين ١: ٨٥٧ - ٨٦٠؛ والضوء اللامع ٤: ٢٥١ - ٢٥٣؛ والذيل التام على دول الإسلام ١: ٥٦٦؛ والجواهر والدرر في ترجمة ابن حجر ٣: ١١٠٢ - ١١٠٤.
1 / 14
وممن أجازه أيضًا: برهان الدين إبراهيم بن محمد بن صديق، المعروف بابن الرسَّام (ت ٨٠٦ هـ)، ومحمد ابن حسن الفرسيسي (ت ٨٠٦ هـ)، وشهاب الدين أحمد بن عمر بن علي بن أبي البدر الجوهري (ت ٨٠٩ هـ)، وعائشة بنت محمد بن عبد الهادي (ت ٨١٦ هـ)، وخلق.
ويمكننا ذكر أهم شيوخه وفق تاريخ وفياتهم:
- شمس الدين محمد بن محمود بن محمود الخوارزمي، المعروف بالمعيد (ت ٨١٣ هـ)، سمع عليه بعض «المصابيح»، و«عوارف المعارف»، و«المقامات».
- زين الدين، أبو بكر بن الحسين بن عمر المراغي (ت ٨١٦ هـ)، سمع عليه «صحيح مسلم»، خلا المجلس الثاني والعشرين (٢٢)، و«سنن أبي داود» عدا المجالس الثلاثة الأُوَل، و«صحيح ابن حبان» عدا المجالس الثلاثة الأُوَل، ونحو نصف «صحيح البخاري» مُفَرَّقًا.
- كمال الدين أبو الفضل بن محمد بن أحمد بن ظهيرة (ت ٨٢٩ هـ)، سمع عليه «المعجم الصغير»، للطبراني، و«مسند عمر»، للنجاد، و«اعتقاد الشافعي».
- تقي الدين محمد بن أحمد الفاسي (ت ٨٣٢ هـ)، سمع عليه الأجزاء العشرة المعروفة بـ «الثقفيات».
1 / 15
- وشمس الدين محمد بن محمد الجزري (ت ٨٣٣ هـ)، سمع عليه جميع «النشر في القراءات العشر»، و«الحصن الحصين»، و«مختصره»، و«الإجلال والتعظيم في مقام إبراهيم»، و«المسلسل بالمحمدين»، و«جزء فيه مناقب الشيخ أبو إسحاق بن شهربار»، و«التكريم في العمرة من التنعيم»، و«مُسند الإمام أحمد» عدا المجلس الثاني والثمانين (٨٢)، و«جزء ابن فارس»، وغير ذلك.
وعلى خلق سواهم ذكرهم ابن فهد في ترجمته في كتاب «الدر الكمين».
وسافر أكثر من مرة في طلب العلم، زار خلالها أكثر من بلد، إذ سافر سنة ٨٢٨ هـ مع ابن الجزري، وقرأ عليه على ظهر البحر في حال المسير من جدة إلى زبيد في تسعة مجالس «المعجم الصغير»، للطبراني.
وحضر إلى القاهرة مرتين، الأولى في سنة ٨٣٠ هـ، والثانية في سنة ٨٣٢ هـ، وسمع بها كثيرًا، ولازم فيها الحافظ ابن حجر، واختُصَّ به، وحضر دروسه، وأذن له في إفادة علوم الحديث كلها، وإقرائها.
ودخل دمشق والقدس والخليل.
وأثنى عليه من شيوخه ابن الجزري لمَّا اجتمع في رحلة اليمن المذكورة، ووصفه بـ: «الشيخ العلَّامة المحدِّث المفيد، ولقَّبه تقي الدين».
1 / 16
وكتب له ابن حجر على نسخته من أطراف «مُسند أحمد» (^١): «أما بعد، فقد قرأ عليَّ الفاضل، البارع، الأصيل، الباهر، الماهر، المحدِّث، المُفيد، جمال الطلبة، رأس المهرة، مفخرة الحُفَّاظ ... جامع أشتات الفضائل، ذو الفنون المتكاثرة والأفنان المثمرة».
وأنه لازمه في سنة ٨٢٤ هـ في: «مجالس الحديث ودروسه، ومجالس الإملاء، وتحرير «شرح البخاري» ما هو في كلِّ ذلك يُفيد فيُجيد، ويستكشل بحيث بهرت الجماعة فضائله، وشهدت بحقِّ الإجادة في الفن دلائله».
ووصفه في موضع آخر، فقال: «الشيخ الإمام الفاضل البارع، جمال الدين والمُحدِّثين».
وقال عن قراءته وكتب بها على نسخة أطراف المسند المذكورة أنها: «قراءة حسنة، فصيحة، مُتقَنَة، يُظهر في غضونها ما يشهد له بحُسن الاستحضار، ويتبيَّن في أثنائها ما يثبت له في هذا الفنِّ مزيد الإكبار».
وقال عنه بعد موته: «كنت أرجو أن يكون خَلَفًا ببلاد الحجاز عن القاضي تقي الدين الفاسي، ﵏».
أما عن مصنفاته، فقد أجمع مترجموه أنه جمع وخرَّج لبعض مشايخه، وذكر البقاعي في «عنوان الزمان»، ونقله عن السخاوي في «الضوء اللامع»، أن من
_________
(^١) الجواهر والدرر ٢: ١١٠٢ - ١١٠٣.
1 / 17
تصانيفه «أطراف صحيح بن حبَّان» في مجلد ضخم، وذكر ابن فهد في «الدر الكمين» أنه اختصر كتاب «التقييد»، لابن نقطة، ولم تزد المصادر على ذلك.
وفي سنة ٨٣٣ هـ حل طاعون بمكة، فاخترم النسيم المرشدي شابًا، وكان مأمولًا منه أن يخلُف شيخه التقي الفاسي مؤرِّخ مكة.
النسخة الخطية
سبق وأن ذكرنا أن نسختنا الخطية جمعت بين ذيلين على كتاب «العبر»، أولهما «ذيل العراقي»، المعروف في الأوساط العلمية في عصره وما بعده.
وثانيهما «ذيل المرشدي»، وقد سكنت عنه المصادر، كذا لم تصرِّح به أيٌّ من كتب الببليوجرافيات التراثية، كـ «سلم الوصول»، و«كشف الظنون»، وكلاهما لحاجي خليفة، وكذا صنواه: «إيضاح المكنون»، و«هدية العارفين».
ولمَّا كانت هذه النسخة ضمن خزائن المخطوطات التي لم تُفَهْرَس بعد، فقد غفلت عنه كتب فهارس المخطوطات أيضًا.
وهذه النسخة محفوظة ضمن مكتبة المنظومة اليمنية تحت رقم ٢٣١٦٠، وهي تحتوي كتاب «العبر»، للذهبي، و«ذيله» له، ينتهيان باللوحة رقم ١٨٢ و.
يلي ذلك «ذيل العبر»، للحافظ العراقي من اللوحة رقم ١٨٢ ظ، وحتى اللوحة رقم ١٩٤ و، ابتدأه الناسخ بذكر ترجمة موجزة للحافظ العراقي، ونصُّها: «قال سيدنا الإمام الحافظ العلَّامة، جمال الحُفَّاظ، قاضي المسلمين
1 / 18
أبو الفضل، زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر العراقي الشافعي، وكان مولده ﵀ تعالى في جمادى الأول سنة خمس وعشرين وسبع مئة، وتُوُفِّيَ - تغمده الله برحمته - في ليلة الأربعاء سابع شعبان سنة ست وثمان مئة، ولم يخلف بعده مثله، قدَّس الله روحه، ونوَّر ضريحه».
وفي نهاية هذا «الذيل» تأريخ كتابة النسخة مفتتح عام خمسة ...، ثم أصاب النسخة طمسٌ إثر ترميم خطأ أذهب أطراف بعض الصفحات أحيانًا، ولعله سنة ٨٢٥ هـ، إذ تقدير سن المرشدي حينئذ ٢١ سنة، وهي سن الفتوة وقوة الاشتغال بالعلم والسعي على تحصيله، خاصة وأنه في العام السابق كان ملازمًا للحافظ ابن حجر، وشهد له - كما ذكرنا - بنباهته وتفوقه.
يتلو ذلك بالنسخة الخطية «ذيل» النسيم المرشدي بداية من اللوحة رقم ١٩٤ ظ، وحتى اللوحة ١٩٦ ظ.
ولعله انتهى منه في تلك السنة أو بعدها، على الرغم من عدم وجود تاريخ تأليف، أو نسخٍ للذيل، إلا أنه من الواضح قرب العهد بينهما، إن لم يكن استكمل كتابة «ذيله» مباشرة بعد انتهائه من نسخ «ذيل العراقي»، فإن سمات الخط، ولون المداد يتفقان تمامًا بين الذيلين.
ومسطرة النسخة مختلفة بين الذيلين، فمسطرة «ذيل العراقي» ٣١ سطرًا، في حين أن مسطرة «ذيل المرشدي» ٤٠ سطرًا.
1 / 19
وكلاهما كُتبا بخط النسخ، بالمداد الأسود، وأشار فوق عناوين السنوات، وأسماء المترجمين باللون الأحمر تمييزًا لهما.
منهج التحقيق
قمت بنسخ المخطوط متَّبِعًا الرسم الإملائي الحديث، وحاولت تتبع الناقلين عن الذيل الأول قدر المستطاع، وأثبتُّ ما توصلت إليه من ذلك.
وقمت بذكر المصادر الرئيسة لأصحاب التراجم، كما عرَّفت بأهم الأعلام المذكورين بالنص، كما عرَّفت بأهم الأماكن المذكور بالنسخة، خاصة متشابهة الأسماء، ومختلفة المواضع، وأكثر ما تقع في المساجد والمدارس المنتشرة على اتساع رقعة الدولة الإسلامية، والتي كانت عامرة بحلقات العلم.
كما قمت بإعداد أربعة كشافات تحليلية تُعين الباحث على الوصول إلى مبتغاه من النص بسهولة؛ ككشَّاف الأعلام المُتَرجمين، وقد رتبتهم هجائيًّا، ولم أقم بعمل كشافٍ للأعلام المتَرجَمين على السنوات منعًا للتكرار، حيث ذكرهم المؤلفيْن وفق هذا الترتيب.
ثم ثنَّين هذا الكشاف بكشَّاف الأعلام غير المُتَرجَمين، وكشاف للأماكن الواردة بالنص، وكشاف الكتب والأجزاء الحديثية كثيرة الذكر والتكرار بالنص.
ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والعرفان للصديق الفاضل الدكتور محمد عبد الله السريع، الذي تفضَّل على الفقير بنسخة
1 / 20