The Impact of the Heart's Work on the Worship of Fasting
اثر عمل القلب على عبادة الصوم
Genres
المطلب الثالث: الصيام وغرس مراقبة الله وخشيته في الغيب والشهادة
قال: ﷺ "قَالَ اللهُ ﷿: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي".
وفي الرواية الأخرى يقول ﷺ فيما يرويه عن ربه ﷿: "يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي .. ".
وذلك لأن الصوم يربي في النفس مراقبة الله وخشيته في الغيب والشهادة، فمن الذي يمنع الصائم من أن يمد يده إلى الطعام والشراب، وهو لا يراه أحد إلا مراقبته لله وخشيته منه، وشعوره بأن الله مطلع عليه ويقينه بـ ـــ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ آل عمران: ٥
وعلمه بيقين بأن الله يعلم سره ونجواه وأنه عليم سميع بصير، قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ التوبة: ٧٨.
﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ البقرة: ٢٣١.
﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ البقرة: ٢٣٣.
﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ البقرة: ٢٤٤.
وكما قال تعالى: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ يونس: ٦١.
وكل هذه المعاني العظيمة يربي عليها الصيام الذي يحرص فيه الصائم على حقيقة الصيام التي قال عنها الصحابي الجليل جابر بن عبد الله ﵄: «إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَآثِمِ، وَدَعْ أَذَى الْخَادِمِ وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ، وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَيَوْمَ صِيَامِكَ سَوَاءً» (^١).
_________
(^١) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٢٧١).
1 / 43