The Illuminating Interpretation - Al-Zuhaili

Wahbah al-Zuhayli d. 1436 AH
121

The Illuminating Interpretation - Al-Zuhaili

التفسير المنير - الزحيلي

Publisher

دار الفكر (دمشق - سورية)

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١١ هـ - ١٩٩١ م

Publisher Location

دار الفكر المعاصر (بيروت - لبنان)

Genres

فقال ابن عباس: أول من سكن الأرض الجن، فأفسدوا فيها، وسفكوا فيها الدماء، وقتل بعضهم بعضا، فبعث الله إليهم إبليس في جند من الملائكة، فقتلهم إبليس ومن معه، حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال، ثم خلق آدم، فأسكنه إياها، فلذلك قال: إني جاعل في الأرض خليفة. فعلى هذا القول: إني جاعل في الأرض خليفة عن الجن، يخلفونهم فيها، فيسكنونها ويعمرونها، وليس آدم أول أصناف العقلاء في الأرض. وقال الحسن البصري: في تأويل قوله: ﴿إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ أي خلفا يخلف بعضهم بعضا، وهم ولد آدم الذين يخلفون أباهم آدم، ويخلف كل قرن منهم القرن الذي سلف قبله، جيلا بعد جيل، كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ﴾ [الأنعام ١٦٥/ ٦] وقال: ﴿وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ﴾ [النمل ٦٢/ ٢١] وقال: ﴿وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ﴾ [الزخرف ٦٠/ ٤٣] وقال: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ﴾ [الأعراف ١٦٩/ ٧]. ومن هو الخليفة؟ قيل: أريد بالخليفة آدم، واستغنى بذكره عن ذكر بنيه، كما يستغنى بذكر أبي القبيلة في قولك: مضر وهاشم. وقال زيد بن علي: ليس المراد هاهنا بالخليفة آدم ﵇ فقط، كما يقوله طائفة من المفسرين. قال ابن كثير: والظاهر أنه لم يرد آدم عينا، إذ لو كان ذلك، لما حسن قول الملائكة: ﴿أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ﴾ فإنهم أرادوا: أن من هذا الجنس من يفعل ذلك، وكأنهم علموا ذلك بعلم خاص، أو بما فهموه من الطبيعة البشرية المخلوقة من صلصال من حمأ مسنون، أو فهموا من الخليفة: أنه الذي يفصل بين الناس ما يقع بينهم من المظالم، ويردعهم عن المحارم والمآثم، أو أنهم قاسوهم على من سبق. والخلاصة: هناك قولان في المراد بالخليفة:

1 / 128